باسيل يمهّد الطريق إلى قصر بعبدا بالتطبيع مع تيار الحريري
الأربعاء 2019/10/02
بيروت - اشتد الجدل في لبنان حول الزيارة التي يقوم بها، اليوم الأربعاء، رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية، جبران باسيل، إلى مركز تيار المستقبل لإجراء حوار مع “شباب التيار”.
ويكمن الجدل في أن الحدث يأتي على خلفية توتر بين قواعد التيارين السياسيين بعيدا عن العلاقة التي تربط زعيم المستقبل رئيس الحكومة، سعد الحريري، بباسيل ومن ورائه رئيس الجمهورية ميشال عون.
وذكرت مصادر سياسية لبنانية أن باسيل هو من اختار أن يفتتح جولته على بقية التيارات السياسية بلقائه مع تيار المستقبل، وأنه يسعى من خلال ذلك إلى تحسين صورته لدى جمهور “التيار الأزرق” ولدى السنة في لبنان، كشرط من شروط سلوكه طريق الرئاسة في لبنان.
وقالت “إن الحريري نفسه قد يحتاج إلى قيام باسيل بهذه الخطوة على أمل أن يؤدي الأمر إلى التخفيف من حالة العداء داخل تياره للتسوية الرئاسية وللتحالف الذي ربط الحريرية السياسية بالعونية السياسية”.
ويرى مراقبون أن خطوة باسيل تأتي من خارج سياق العلاقة بين التيارين التي لطالما بنيت على الخصومة من قبل عون وصهره باسيل كرافعة أساسية من رافعات صعود التيار العوني وارتفاع شعبيته داخل الجمهور المسيحي.
وينقل عن قيادات داخل تيار المستقبل أن باسيل لن يستطيع تبديد الصورة السيئة التي يحظى بها لدى جمهور التيار، وهو الذي شنّ شخصيا منذ أشهر حملة ضد السنية السياسية في محاولة لتعزيز شعبيته وشعبية تياره لدى البيئة المسيحية وكدليل جديد على تحالفه الكامل مع الشيعية السياسية التي يقودها حزب الله. وتضيف تلك القيادات أن التيار الأزرق بقواعده ومؤسساته القيادية لن يمنح باسيل، ومن خلال حوار فلكلوري، صك براءة تطهر تاريخا طويلا من العداء البنيوي والأيديولوجي ضد الحريرية السياسية منذ الأب المؤسس مرورا بنجله حاليا.
جبران باسيل يعاني من عزلة عربية ودولية قد لا تمكنه من العبور نحو القصر الرئاسي
ويعاني باسيل من عزلة عربية ودولية قد لا تمكنه من العبور نحو قصر بعبدا وهو يحتاج إلى إنتاج تسوية سياسية جديدة على غرار تلك التي أتت بوالد زوجته إلى موقع الرئاسة.
ولا يحظى رئيس التيار الوطني الحرّ بتقدير لدى دول عربية بينها السعودية، كما أن زيارته الأخيرة إلى واشنطن كشفت انهيار حضوره لدى الإدارة الأميركية، بحيث أنه فشل في لقاء أي من المسؤولين الأميركيين، مقابل الحفاوة التي حظي بها سعد الحريري في آخر زيارة قام بها إلى واشنطن.
ويرى محللون أن تطبيعا كاملا لعلاقة باسيل مع السنية السياسية التي سبق أن هاجمها بات حاجة ملحة لإنعاش فرصه للفوز بالمنصب الرئاسي، خصوصا أن أسماء أخرى منافسة مثل زعيم تيار المردة سليمان فرنجية وزعيم القوات اللبنانية سمير جعجع وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون، تحظى بقبول لدى سنة لبنان.
ويعرف باسيل أن تحالف ميشال عون مع حزب الله لم يستطع لوحده ترقية عون إلى موقع الرئاسة، وأن الدعم الذي قدمته السنية السياسية بشخص سعد الحريري هو الذي أزال من أمام عون عراقيل استراتيجية كانت تحول دون طموحاته.
وتؤكد مصادر برلمانية لبنانية أن باسيل يودّ من خلال لقائه مع “شباب المستقبل” تقديم نفسه شخصية منفتحة محاورة، وهو قد يلجأ إلى مفاجأة الحضور بمجموعة من المواقف التي تروق للبيئة الحريرية في مسائل تتعلق بالدولة ودورها كما بالعلاقة مع العرب وبلدان الخليج والموقف من حزب الله.
غير أن تلك المصادر ترى أن مهمة باسيل ستكون صعبة وربما مستحيلة بسبب تاريخه وتاريخ عمه في بعبدا وتياره في لبنان في المجاهرة بدعم حزب الله وسلاحه والنيل من دول الخليج والتمسك بمواقف تخالف الإجماع العربي.
وتحذر بعض الجهات من أن يؤدي لقاء باسيل مع كوادر تيار المستقبل إلى تعقد علاقة التيارين السياسيين، خصوصا وأن بعض المعلومات رجّحت قيام قيادات شابة داخل تيار المستقبل بمحاسبة باسيل وإرباك خطابه التصالحي. كما أن هذه القيادات ستستغل المناسبة، التي قيل إن أمين عام التيار أحمد الحريري هو الذي رتبها، من أجل محاسبة زعيم المستقبل سعد الحريري على خياراته التي قادت إلى تفاقم الأوضاع في البلد.
وفيما شرع باسيل بممارسة دبلوماسية الانفتاح على تيار المستقبل، فإن منابر التيار الوطني الحر وقياداته تستمر في الهجوم على الحريرية السياسية وتحميلها مسؤولية الوضع الاقتصادي الحالي في البلاد.
وتعرض النائب زياد أسود، المقرّب من باسيل، في سلسلة من التغريدات للرئيس الراحل رفيق الحريري ورئيس الحكومة سعد الحريري، وحمّل من خلالها الأب والابن مسؤولية ما وصل إليه البلد اليوم.
ورد منسق عام تيار المستقبل في صيدا والجنوب، ناصر حمود، على تغريدات النائب أسود بالقول “سمعت أن لعنة الحقد وصلت إلى حد أن زياد أسود يجهل أو يتجاهل أن البلد وصل إلى هنا لأن هناك من اغتال رفيق الحريري وأوقف الحلم، وأن تياره، التيار الوطني الحر، استفاد من الاغتيال ليعود رئيسه من منفاه الباريسي، وأن تياره غطى ما ارتكبه حلفاؤه من موبقات بحق البلد واقتصاده وعلاقاته مع العرب والعالم، حتى وصلنا إلى أيام بات فيها كل ‘أسود’ على مزبلته صياح!”.
ويستغرب مراقبون عدم إعداد باسيل لخطوته مع تيار المستقبل من خلال تمهيد يتم من خلاله إطلاق أجواء جديدة إيجابية من قبل تياره تجاه جمهور المستقبل. فيما اعتبر آخرون أن تصريحات أسود ليست نشازا بل هي قاعدة أراد من خلالها باسيل وتياره أن تكون منطلقا لحواره مع “شباب المستقبل” من موقع القوة.
وتخضع مقاربة باسيل مع تيار المستقبل أو مع أي تيارات سياسية أخرى لتحولات تكتيكية هي من سمات الرشاقة التي يحسن رئيس التيار الوطني الحر إدخالها على سلوكه السياسي. بيد أن الثابت خلف أي تحولات هو التحالف الاستراتيجي الذي يجمع عون وتياره بحزب الله بصفته محور الحركة السياسية التي ينتهجها باسيل كأولوية لتحقيق طموحاته الرئاسية.
وتنقل الصورة الفوتوغرافية، التي جمعت عون وباسيل بالرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بصدق حقيقة خيارات العونية السياسية الكبرى، سواء من خلال “ورقة التفاهم” الصامدة مع حزب الله في الداخل، أو من خلال المجاهرة بالالتصاق بالخيار الإيراني في المنطقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق