بقلم : كرم نعمة / كاتب عراقي
مستويات السعادة خلال الحياة تأخذ شكل حرف U، حيث يكون الناس في أكثر حالاتهم بؤسا عندما يبلغون من العمر 48 عاما.
الاثنين 2020/09/21
أكثر واقعية
عندما نشرت وسائل الإعلام البريطانية نتائج هذه الدراسة، استهلت الكلام، لا تسخر منا أو لا تضحك علينا! فالحياة ليست رائعة كما كنا نعتقد على الأقل بالنسبة للذين يبلغون 48 عاما!
قبل يومين وأنا أنصح صديقي بالمحافظة على صحته من منغصات الشراب والطعام والسهر، رد عليّ بأن مفهوم الصحة لن يصبح ذا أهمية بعد منتصف الخمسين، مع أنه لم يشارك في الدراسة عن مستويات السعادة التي أجراها ديفيد بلانشفلاور، الباحث السابق في صناعة سياسات بنك إنجلترا.
الملفت في الدراسة الجديدة التي حللت بيانات 500 ألف شخص في 145 دولة، أنها تفنّد بشكل مطلق كل الاعتبارات السابقة التي عدت “أزمة منتصف العمر” محض خيال، وتوصلت إلى عكس ذلك بالنسبة لسكان البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء.
وعزت سبب انخفاض السعادة إلى أن الناس يصبحون أكثر واقعية بشأن ما يمكن تحقيقه في الحياة.
ووجدت الدراسة أن مستويات السعادة خلال الحياة تأخذ شكل حرف U، حيث يكون الناس في أكثر حالاتهم بؤسا عندما يبلغون من العمر 48 عاما.
السيد بلانشفلاور، ليس ممن يبحثون عن مجد شخصي بلفت الانتباه إليه عبر التوصل إلى نتائج مثيرة، إنه يبلغ من العمر 68 عاما، ويمتلك تجربة عملية في الحياة وطالما أعطى الدروس للمئات من الأشخاص، ويعمل حاليا أستاذا للاقتصاد في جامعة أميركية مرموقة، بعد أن انتهى عقده مع مصرف إنجلترا، لذلك من المفيد قراءة نتائج الدراسة بذهن مفتوح وليس التهكم على نتائجها.
المفاجأة في نتائج الدراسة أنها تتوافق بين البلدان الفقيرة والغنية وكذلك تلك التي لديها متوسط عمر متوقع أطول وأقصر. الأمر الذي يعني جدية النتائج وواقعيتها.
هناك شيء ما في جينات الإنسان مرتبط بعدم السعادة بغض النظر عما يعيشه في دولة مرفهة أو بائسة.
لكن لماذا كل ذلك! لا يزال سبب تراجع السعادة في منتصف العمر غير واضح بالنسبة للباحثين. ومع ذلك، قال البروفيسور بلانشفلاور إن الهياكل الأسرية والأشخاص الذين يصبحون أكثر واقعية حول ما يمكن تحقيقه في الحياة قد يكون له بعض التأثير.
توقعات الناس في هذه الفترة من العمر تصبح أكثر واقعية. لأنهم يدركون أن الأزهار على الجانب الآخر ليست مورقة أكثر مما في حدائقهم.
أما لماذا يكون كبار السن سعداء، ذلك مرتبط بإعفائهم من مسؤوليات الأسرة وشعورهم بأنهم أصحاء.
أُفكرُ في شخص يبلغ من العمر 70 عاما، يعمل في وظيفة ولديه منزل لا يدفع عليه قروضا شهرية، وهو بصحة جيدة، لماذا لا يكون سعيدا!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق