قمة "روسيا أفريقيا".. كيف كسر بوتين "تابوهات" الغرب

. . ليست هناك تعليقات:



قمة "روسيا أفريقيا".. كيف كسر بوتين "تابوهات" الغرب فى إطار الصعود لقمة المشهد الدولى؟.. منتجع سوتشى مكانا للقمم الحساسة لإنهاء أسطورة "كامب ديفيد".. واختياره للقمة دليل على أولوية القارة السمراء بأجندة موسكو



تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

"قمة روسيا أفريقيا" عنوان ربما يتصدر الصحف العالمية، فى ظل المساعى الروسية لتوسيع نفوذها فى العديد من مناطق العالم، على حساب منافسيها الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وذلك بعد النجاح المنقطع النظير الذى حققه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى إثبات وجوده على الساحة الدولية فى السنوات الماضية، عبر استعادة التأثير الروسى على الساحة الدولية، وأخرها فى سوريا، والتى استأثرت موسكو بها على الأرض، خاصة بعد الانسحاب الأمريكى، ليفتح الباب أمام مزاحمة النفوذ الأمريكى فى الشرق الأوسط، بعد عقود طويلة من الزمن، كانت الهيمنة الكاملة فيها لواشنطن، باعتبارها القوى الدولية الوحيدة فى صدارة المشهد الدولى، منذ نهاية الحرب الباردة، والتى كتبت كلمة النهاية للإمبراطورية السوفيتية، فى التسعينات من القرن الماضى.

ولعل انعقاد القمة المرتقبة فى "سوتشى" يمثل استمرارا للسياسة الروسية التى اعتمدت المنتجع باعتباره مقرا للقمم ذات الطبيعة الخاصة، بما يؤهله ليكون بمثابة رمزا لقوة الدبلوماسية الروسية، بما يتناسب مع الطموحات الروسية غير المحدودة، لاستعادة أمجادها على الصعيد الدولى، فى مناطق مختلفة حول العالم، بالإضافة إلى تقديمه كبديل لـ"كامب ديفيد"، والذى طالما كان شاهدا على العديد من الأحداث الدولية الهامة، التى كانت تمثل انعكاسا صريحا للقوى الأمريكية وتأثيرها على العالم، ربما أبرزها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والتى يرجع تاريخها إلى مارس 1979، بالإضافة إلى قمة كامب ديفيد بين الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، ونظيره الفلسطينى ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إيهود بارك فى عام 2000، كما أنه كان مقرا لقمم تاريخية أخرى، بينها لقاء الرئيس الأمريكى الأسبق فرانكلين روزفلت، مع رئيس الوزراء البريطانى وينستون تشرشل عام 1943 للتخطيط لغزو الحلفاء لأوروبا إبان الحرب العالمية الثانية.

تشابهات كبيرة.. سوتشى مقرا للقمم الحساسة
يبدو أن التشابهات الكبيرة بين "سوتشى" وكامب ديفيد، كانت السبب الرئيسى وراء اختيار بوتين للمنتجع الروسى، ليكون شاهدا على قوة روسيا الجديدة، أو بالأحرى استعادتها لنفوذها الدولى بعد سنوات من انهيار الاتحاد السوفيتى، فكلاهما يتمتع بالهدوء وجمال الطبيعة، وبالتالى فكلاهما يحظى بطبيعته الخاصة، بعيدا عن صخب العاصمة، ليكونا أكثر ملائمة للقاءات ذات الطبيعة الخاصة، والتى تحتاج فيها المفاوضات الصعبة إلى أجواء هادئة، فضلا عن ارتياح الرئيس الروسى الشخصى للمنتجع، وهو الأمر الذى يفسر تردده الدائم عليه، وحرصه على عقد اللقاءات مع نظرائه به، فى العديد من المناسبات.

لقاءات بوتين فى سوتشى تتسم بقدر كبير من الحساسية، وعلى رأسها القمم التى تعلقت بالأزمة السورية، والتى كانت محور الاهتمام الروسى فى السنوات الماضية، باعتبارها بوابة العودة إلى صدارة المشهد الدولى من جديد، من بينها عدد من القمم الثلاثية التى عقدها الرئيس الروسى مع نظيريه التركى والإيرانى، بالإضافة إلى لقاءاته المتواترة مع العديد من القيادات الإقليمية، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسى، وولى العهد السعودى محمد بن سلمان، وكذلك الرئيس السورى بشار الأسد، بالإضافة إلى عدد من القيادات الغربية، من بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وغيرها.

سوتشى منافسا لـ"كامب ديفيد".. أفريقيا أولوية لموسكو
تتجلى بوضوح القيمة الرمزية لـ"سوتشى" باعتباره ليس فقط مجرد منتجعا مفضلا لبوتين، يمكن من خلاله استقبال ضيوفه، وعقد القمم فى منطقة أكثر هدوءا، وإنما تمتد أهميته إلى الترويج له باعتباره منافسا قويا لـ"كامب ديفيد"، والذى بقى لعقود طويلة رمزا للهيمنة الأمريكية، ومكانا للمفاوضات الماراثونية الصعبة التى خاضتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتحقيق مصالحها، ليصبح "سوتشى" رمزا جديدا لعودة روسيا إلى قمة المشهد الدولى، خاصة بعدما نجح الرئيس الروسى فى مزاحمة الدور الذى سبق وأن لعبته الولايات المتحدة، لإعادة تشكيل الخريطة الدولية لصالحها، إبان سيطرتها الكاملة على المشهد الدولى منذ نهاية الحرب الباردة، فى التشابه الكبير بين المنتجعين، على الأقل من ناحية ابتعادهما عن مركز الحكم فى العاصمة.

ويمثل اختيار "سوتشى" لانعقاد قمة "روسيا أفريقيا" انعكاسا صريحا لطبيعة الصراع الجديد الذى سوف تخوضه موسكو، فى المرحلة المقبلة، حيث تسعى الإدارة الروسية لكسب المزيد من النفوذ بالقارة السمراء، وإن كان الصراع على النفوذ فى أفريقيا يبدو مختلفا فى ظل تداخل القوى الدولية التى تسعى للفوز بالفرص الواعدة التى تحظى بها القارة، وعلى رأسها الصين واليابان، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، كما أن توقيت القمة بالتزامن مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى يعكس قوة العلاقة بين القاهرة وموسكو، وهو ما بدا واضحا فى تواتر القمم بين الرئيس السيسى ونظيره الروسى فى السنوات الماضية.

قيمة رمزية.. بوتين يجد بدائل لـ"تابوهات" الغرب

وتمثل الإشارات الرمزية أحد أعمدة الدبلوماسية الروسية، فى تعاملها مع محيطها الدولى، وهو الأمر الذى يقتصر على مجرد تصعيد "سوتشى" من مجرد منتجع يطل على ساحل البحر الأسود، إلى مقرا للماراثونات الدبلوماسية التى تخوضها موسكو، ليضاهى نظيره الأمريكى "كامب ديفيد"، وإنما ظهرت بوضوح فى اختيار عاصمة كازاخستان "أستانا" لتكون مقرا للمفاوضات حول الأزمة السورية، والتى شهدت جولات تفاوضية عديدة، سواء بين المعارضة والنظام فى سوريا، برعاية الحكومة الروسية، لتكون بديلا لمنصة "جنيف"، والتى هيمنت على العديد من المحادثات السياسية، ليس فقط فيما يتعلق بالأزمة السورية، ولكن العديد من الأزمات الأخرى فى الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

ولعل الدعم الذى قدمه بوتين لمبادرة نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، بتأسيس جيش أوروبى مشترك، رغم ما تحمله من عداء صريح لموسكو، تعكس حرصه الشديد على إيجاد البدائل لما يمكننا تسميته بـ"التابوهات" الغربية التقليدية، والتى يمثل بقائها تذكيرا دائما لروسيا بانهيار إمبراطورتيها السوفيتية، على اعتبار أن تشكيل مثل هذا الجيش يمثل نهاية حلف الناتو، والذى طالما بقى رمزا للمعسكر الغربى المنتصر إبان الحرب الباردة.

يبدو أن لجوء الرئيس الروسى إلى تقديم بدائل للثوابت الغربية، والتى اعتمدتها واشنطن وحلفائها فى التعامل مع العديد من القضايا الدولية، يهدف بصورة كبيرة إلى التأكيد على مكانة روسيا الجديدة باعتبارها أحد القوى الدولية المؤثرة، والتى يمكنها تغيير دفة المشهد الدولى لصالحها، وهو الأمر الذى ربما أصبح معترف به إلى حد كبير على المستوى الدولى، حتى من قبل الولايات المتحدة نفسها، والتى سعت مؤخرا نحو التوافق مع موسكو فيما يتعلق بالعديد من القضايا الدولية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

الدانة نيوز - احدث الاخبار

صفحة المقالات لابرز الكتاب

احدث الاخبار لهذا اليوم

اخر اخبار الشبكة الاعلامية الرئيسية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

تغطية شاملة ويومية للكارثة اللبنانية وتطوراتها

تغطية شاملة ويومية للكارثة اللبنانية وتطوراتها
كارثة افجار مرفأ يروت - غموض وفوضى سياسية - وضحايا - ومتهمين وشعب حزين

الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي

الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي
الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي .. والتطورات المتعلقة به يوما بيوم

اليساريون - الجزء الأول - الجذور

اليساريون - الجزء الأول - الجذور

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة

السلايدر المتحرك الرئيسي مهم دا