ماذا يريد بوتين من تركيا مقابل المنطقة الآمنة؟ مصير العملية العسكرية في لقاء سوتشي
كما جرت العادة مؤخراً، سيتخذ القرار بشأن مستقبل سوريا في اجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم التركي رجب طيب أردوغان، بحسب تقرير لموقع Bloomberg الأمريكي.
بدأ بوتين محادثات مع أردوغان في مدينة سوتشي الروسية الثلاثاء 22 أكتوبر/تشرين الأول مع قرب انتهاء وقف إطلاق النار من الجانب التركي، الذي حددت مدته بـ 120 ساعة، لإفساح المجال للمقاتلين الأكراد لإخلاء قطاع من الأراضي في شمال شرق سوريا. ومع دعم روسيا قوات رئيس النظام السوري بشار الأسد في السعي لاستعادة السيطرة على المنطقة، قد يتفاوض بوتين وأردوغان على فتح علاقات مع دمشق لمحاولة حل الأزمة.
وبحسب الموقع الأمريكي، أخبر بوتين أردوغان في بداية الاجتماع: «الموقف في المنطقة حاد للغاية»، مضيفاً أنه تمنى أن مستوى العلاقات بين روسيا وتركيا «سوف يسمح بالتوصل إلى إجابات عن التساؤلات الصعبة».
المهلة قاربت على الانتهاء
ينتهي وقف إطلاق النار، الذي وافق عليه أردوغان مع نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس الأسبوع الماضي بعد انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا الذي يسيطر عليه الأكراد، في تمام الساعة 10 مساءً بالتوقيت المحلي. وتعهد أردوغان باستئناف العملية العسكرية في سوريا إذا لم تغادر قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد منطقة بطول 120 كيلومتراً بين مدينتي تل أبيض ورأس العين.
ولا تزال تركيا تريد من الأكراد الانسحاب من رقعة من الأراضي الحدودية بطول 440 كيلومتراً على طول الحدود السورية مع تركيا وبعمق 32 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، وتخطط أيضاً إقامة عشرات من نقاط المراقبة التي تديرها وحدات قتالية في المنطقة.
إذ يمضي أردوغان قدماً بخطة ترمي إلى إقامة منطقة عازلة في شمال شرق سوريا، وهي منطقة سوف تشهد إعادة توطين حوالي مليونين من أصل 3.7 مليون لاجئ سوري يستقرون الآن في تركيا. ومن أجل ذلك المشروع، يحتاج الرئيس التركي إلى جمع أكثر من 26 مليار دولار من التبرعات لتشييد منازل ومستشفيات ومدارس ومساجد في تلك المنطقة.
وقال أردوغان الأسبوع الماضي إنه يريد التحدث مع بوتين بشأن قوات النظام السوري التي انتشرت على الحدود بعد إبرام صفقة مع الأكراد. «هناك قوات تابعة للنظام تحت الحماية الروسية في أجزاء من منطقة عملياتنا. علينا إيجاد حل لذلك».
كان بوتين وأردوغان قد تجادلا مراراً وتكراراً بشأن المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا، إذ طالبت تركيا بوجود منطقة عازلة لردع قوات حماية الشعب الكردية التي تقول عنهم إنهم إرهابيون وعلى صلة بالعناصر الانفصالية داخل أراضيها. في حين تقول وحدات حماية الشعب إنها لا تشكل أي خطر على تركيا وتريد فقط الدفاع عن أكراد سوريا. وتريد روسيا من حكومة الأسد أن تسيطر على المنطقة التي سيطر عليها الأكراد لمدة سبع سنوات خلال الحرب السورية.
«في حاجة إلى حوار»
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أمر بسحب آخر ألف جندي أمريكي من شمال سوريا وهو ما دفع أردوغان إلى بدء عمليته. وأجبر ذلك الأكراد على إبرام صفقة مع موسكو ودمشق من أجل دخول الجيش السوري للمنطقة وحماية الحدود مع تركيا.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للصحفيين الإثنين 21 أكتوبر/تشرين الأول: «بالطبع، نحن بحاجة إلى حوار» بين تركيا وسوريا، وموسكو «مستعدة لأداء دور داعم لتشجيع مثل هذه الاتصالات». وأضاف أنه بينما يجب أن تستند المحادثات إلى الاتفاق الأمني لعام 1998 بين أنقرة ودمشق، سوف «تقبل» روسيا «وتدعم» أي تغييرات يقرر الطرفان إجراءها.
ربما يصعب فتح قنوات اتصال بين الطرفين؛ فقد هجم الأسد على أردوغان، وذلك خلال زيارة رئيس النظام السوري إلى نقطة خارج آخر معاقل المعارضة المسلحة في إدلب، بالقرب من الحدود السورية، بحسب ما ذكره الحساب الرسمي للرئاسة السورية على موقع تويتر اليوم الثلاثاء. ولم يُذكر تاريخ الزيارة.
وعلى الجانب الآخر، طالب أردوغان الأسد مراراً بترك الحكم بعد أن قطعت تركيا العلاقات مع دمشق في بدايات الحرب السورية. غير أنه في الوقت الذي يمتنع فيه عن إجراء اتصالات رسمية مع النظام السوري، يبدل أردوغان موقف أنقرة تدريجياً بما يسمح بتنسيق أوثق مع حكومة الأسد. ففي يوم الجمعة 18 أكتوبر/تشرين الأول، لم يبد أردوغان رفضاً صريحاً تجاه إمكانية الدخول في محادثات مباشرة مع دمشق.
وقالت إيلينا سوبونينا، وهي خبيرة في شؤون الشرق الأوسط ومقيمة في موسكو: «بالنسبة لروسيا، أهم شيء هو عدم السماح بحدوث اشتباك بين القوات التركية والسورية. قد يقدم بوتين وساطة بين تركيا والأكراد، وكذلك بين تركيا والحكومة السورية».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق