أثار وصف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لحلف شمال الأطلسي (الناتو) قبل أقل من شهر، في قمة للحلف بلندن، بأنه دخل في مرحلة “موت سريري”، موجة من ردود الفعل بين الدول الأعضاء، في ظل ترحيب غير مفاجئ من قبل روسيا.
ويعيب ماكرون على “الناتو” أنه لا يستطيع ضبط أعضائه، وينتقد قلة التنسيق بين الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الأعضاء، كما ينتقد سلوك تركيا “الأحادي” بحسب وصفه، في ما يخص تدخلها في سوريا عبر عملية “نبع السلام”.
وأُحبط عدد من المسؤولين الأوروبين من تصريحات ماكرون عن أكبر تحالف عسكري في التاريخ، وهو الذي ينص البند الخامس من معاهدته على حفظ أمن دوله بين ضفتي الأطلسي إلى حد يجعل من الاعتداء على إحداها هجومًا على كل أعضاء الحلف، بحسب تقرير، في 7 من تشرين الثاني الحالي لمجلة “ذي إيكونوميست“.
وشُكل حلف “الناتو” بتوقيع معاهدة، في واشنطن عام 1949، وضمّ عددًا من دول أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية لتوفير الأمن الجماعي ضد الاتحاد السوفيتي، وكان هدف الحلف بشكل أساسي هو حماية حرية دوله وأمنها بالوسائل السياسية والعسكرية.
وعلى الرغم من أنّ حلف “الناتو” شُكّل استجابة لضرورات الحرب الباردة النامية، استمر إلى ما بعد نهاية هذا الصراع، مع توسيع العضوية لتشمل بعض الدول السوفيتية السابقة.
وقال مسؤولون في باريس، لوكالة “رويترز”، في 8 من تشرين الثاني الحالي، إن “تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون الحادة التي قال فيها إن حلف شمال الأطلسي في حالة موت إكلينيكي أحبطت أوروبيين آخرين، لكنها مخاطرة يبدو أن الرئيس الفرنسي مستعد لاتخاذها إذا كانت ستمنع الأوروبيين من أن يغضوا الطرف عن عالم أصبح أكثر خطرًا”.
ردود فعل
وعلى الرغم من أن ماكرون حث أوروبا منذ فترة طويلة على أن تفكر في نفسها “كقوة مستقلة ذات سيادة” إلا أن حكمه الصادم على حلف “الناتو” الذي أُسس قبل نحو 70 عامًا، دفع المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، إلى وصفه بأنه “شديد القسوة”.
واتفقت ميركل مع الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، في 7 من تشرين الثاني الحالي، خلال مؤتمر صحفي مشترك في برلين، على أن وصف ماكرون للحلف كان قاسيًا.
وقالت المستشارة الألمانية إن “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استخدم كلمات قاسية عندما وصف حلف شمال الأطلسي بأنه في حالة موت إكلينيكي”، مشيرة إلى أنها لا تؤيد هذا الرأي، وفق وكالة “رويترز”.
وأضافت ميركل، “حلف شمال الأطلسي لا يزال ركيزة لأمننا”.
من جانبه، قال رئيس ليتوانيا، جيتاناس ناوسيدا، للصحفيين في أثناء زيارته لروما، ”لا أستطيع القول إن هذا التصريح جعلنا سعداء للغاية” وفق “رويترز”.
وفي روسيا، حظيت تعليقات ماكرون بإشادة باعتبارها تصويرًا دقيقًا لوضع الحلف.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زخاروفا “هذا كلام من ذهب… تعريف دقيق للوضع الحالي لحلف الأطلسي”، وفق وكالة “رويترز”.
دون جدوى
أما أمريكا فترى أن حلف “الناتو” مهدد بالانقراض إذا لم تسهم الدول الأعضاء في تنمية موارده، وتعتبر رؤية واشنطن للحلف من أكبر التحديات التي يواجهها من الداخل.
ولطالما هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالانسحاب من الحلف ولم يكف عن مطالبة أعضائه بتقاسم عبء تمويله.
ومنذ تولي ترامب منصب الرئاسة، يواجه “الناتو” ضغوطًا، حيث أثار ترامب الشكوك حول جدوى حلف شمال الأطلسي والالتزام الجماعي بالدفاع عن أعضائه.
وفي 2018، تساءل ترامب لماذا يجب على الولايات المتحدة الأمريكية الدفاع عن دولة عضو صغيرة مثل الجبل الأسود والمخاطرة بنشوب “حرب عالمية ثالثة”، كما أنه هدد بأن الحماية الأمريكية لن تكون إلا لأولئك الذين يدفعون ما يكفي من المال.
وخلال قمة حلف “الناتو” الأخيرة في عام 2018، خفف ترامب من حدة أسلوبه، لكنه ظل متمسكًا بشكواه التي تفيد بأنه يتم استغلال الولايات المتحدة الأمريكية إذ قال، “نحن ندفع الكثير في ميزانية حلف شمال الأطلسي. الحلف مهم جدًا، لكنه يساعد أوروبا أكثر، بدل ضمان المساعدة لنا”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق