في الكواليس وفي الاعلام المشاورات جارية للاتفاق على شكل الحكومة واسم رئيسها قبل الاعلان عن انطلاق الاستشارات في قصر بعبدا....
حتى بهذه النقطة.. لم ينتبه من يدير أمور البلاد ان من نفذوا الانقلاب الايجابي... يرفضون حتى منطق التسويات والتفاهمات المسبقة... من يطالبون بالشفافية والمساءلة والعلنية وبحق الوصول للمعلومات يرفضون ان تطبخ بعد الآن التسويات كما التعيينات كما الانتخابات في الدوائر المغلقة قبل ان تخرج الى العلن ليبصم عليها...
***
نسي أو يتناسى أهل السلطة ممن نصّبوا أنفسهم مسؤولين في كل المؤسسات ان شباب الثورة ونساءها سبقوا الجميع ولن يخرجوا من الساحات والشوارع قبل ان تتحقق احلامهم: وفي أولها منطق التفاهمات والتسويات.
حتى الساعة تقف الأمور امام حائط مسدود لجهة تشكيل الحكومة:
سعد الحريري يريد حكومة اختصاصيين وهو يعرف مسبقا انها سترفض من قبل حزب الله وحركة امل وكأنه بذلك لا يريد حرق أصابعه بنار مطالب الثورة التي سيكون في أولوياتها محاسبة السارقين والناهبين لأي جهة انتموا...
أما في المقابل فمن يطالب بحكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري في تركيبة قد تستنسخ تجربة الحكومات السابقة وكأن لا ثورة ولا مطلب ولا ناس ولا ثوار... والحجة ان هناك مخاوف من ان تكون أي حكومة تكنوقراط قد تأخذ البلاد الى اجاندا لا تتلاءم مع الوضعية السياسية لهذا الفريق.
من ينزل الى الساحات وانا كنت من الذين لمسوا عن قرب حقيقة هذه المطالب يدرك ان هذا الشارع الذي توحد وهذه الساحات التي اجتمعت صارت في مكان آخر...
لا يمكن لأحد اختزاله... ولا تحجيمه ولا تقزيمه.
الثورةُ صامدةٌ... نعم وستصمدُ أكثرَ وأيُّ حكومةٍ يتمُ البحثُ فيها ان لم تكنْ بحجمِ أحلامِ الثوارِ لن تعيشَ ولن تولد...
أي حكومة جديدة يجب ان تلتزم أحلام الثوار وهي كثيرة كثيرة...
1- أحلام الثوار بدولة قانون لا دولة محاسيب وازلام ومحاصصات: دولة قانون يسودها القضاء العادل والنزيه، قضاء ثائر ومتمرد لا يأبه لسياسي عيَّنَه، أو لتاجر حاول رشوته... قضاء يأخذ المبادرة والقيادة ليتحرك لوقف فاسدٍ أو سارقٍ غير آبه بتدخل رئيس أو وزير أو نائب.
2- أحلام الثوار بدولة مؤسسات تخضع فيها مشاريع الدولة للمراقبة والمحاسبة والتلزيمات فيها لإدارة المناقصات من دون ان يعرف مسبقا اسم المتعهد القوي أو الشركة النافذة أو النائب السمسار..
3- أحلام الثوار بنظام رعاية صحي لا يوقفهم على أبواب المستشفيات ينتظرون حسَنَةَ اتصالِ نائبٍ أو زعيم بوزارة الصحة أو بالمستشفى ليدخلهم "ويربّحهم جميلة" من كيسهم...
4- أحلام الثوار بعمل وفرص حياة متساوية وعادلة لا تجعلهم يقفون على باب وزير أو زعيم ليرأف بهم بنظرة وليلتزموا له بولاء وبصوت انتخابي حتى يدخلهم الى إدارة من إدارات الدولة التي هم يغذونها بالاموال.
5- أحلام الثوار بإدارة نظيفة وشفافة وغير مرتهنة لزعيم أو مسؤول أو سياسي ولا تُفتح فيها الجوارير الجانبية لتلقي الرشاوى.
هذا غيض من فيض من أحلام الثوار التي يحملونها لأية حكومة تُشكل؟
***
وفي الانتظار أحلام الثوار لا تغيب عمن يحاول العبث بعملتهم الوطنية تارة بالتخويف وطورا بالتجفيف ولا يغيب عن بال الثوار انهم قد يذهبون مع الناس الى ضائقة اقتصادية واجتماعية أكثر مما مضى..
لكن.. لا يهم...
هم يعيشون في هذه الحالة منذ عقود... ما يقومون به اليوم عملية جراحية تزيل الامراض التي كادت تقتل البلاد.. ومعهم ستكون الولادة الجديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق