ترجمة - شهاب ممدوح
للاطلاع على الموضوع الأصلى .. اضغط هنا
ليس هناك شيء أكبر من غرور رجل أبيض ثري؛ حيث إننا على وشك أن نشهد خوض ملياردير آخر لا يحظى بدعم شعبي غمار سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020. فبعد أن انضم الملياردير "توم ستاير" للسباق الرئاسي في شهر يوليو، حان الآن دور عمدة مدينة نيويورك السابق "مايكل بلومبيرغ".
يشعر "بلومبيرغ"، الجمهوري السابق الذي يُقال إن ثروته تبلغ 52 مليار دولار، بقلق من أن أيًّا من المرشحين الديمقراطيين الحاليين "غير مؤهل"لهزيمة دونالد ترمب. وبالرغم من أن هذا قد يكون صحيحًا، إلا أنه ما من سبب يجعلنا نفترض أن "بلومبيرغ" نفسه مؤهّل للقيام بذلك.
إن ترشحّ "بلومبيرغ" بالطبع لم يكن مفاجئًا؛ فمنذ عام 2008، لم تخل أي انتخابات رئاسية من شائعات ترشح بلومبيرغ. لقد كانت هناك حتى حركة للمطالبة بترشيحه في عام 2008، وأُعيد إطلاقها تحت اسم "لجنة ترشيح بلومبيرغ" عام 2010 من أجل ترشيح الرجل في انتخابات 2012 الرئاسية. لكن لم يكن هناك مطلقًا أي دليل على وجود دعم شعبي حقيقي لترشيح "الثري" للرئاسة.
إن ترشّح بلومبيرغ هو نتيجة منطقية لحملة شعواء لمساندة مرشح ديمقراطي وسطي، وهي الحملة التي ازدادت وتيرتها منذ تعرّض حملة "جو بايدن" لمشاكل، واكتساب حملتي "بيرني ساندرز" و"إليزابيث وارين" زخمًا. وفي الواقع، أطلق بلومبيرغ مرارًا عدة هجمات ضد "إليزابيث ورين"، كان آخرها انتقاده خطتها الخاصة بـ "الضرائب على الأثرياء"، كما ذكر شخص مقرّب من بلومبيرغ منذ بضعة أسابيع، أن "بلومبيرغ سيخوض السباق الرئاسي في حال خروج جو بايدن منه".
وخلافًا للحملات الشعبية الداعمة لليسار داخل الحزب الديمقراطي، تتميز الحملات الداعمة لمرشحي الوسط بأنها مصطنعة، يروّج لها معلّقون مثل "ماكس بوت" و"جينفر روبين"، وهؤلاء بعضهم جمهورين سابقون، ومراكز بحثية جديدة "غير حزبية" مثل مركز Neskenen. وحتى لو كانت هناك بعض الأدلة التي تشير لرغبة معظم الناخبين الديمقراطيين في أن يكون الحزب الديمقراطي "أكثر اعتدالاً" - أيًّا كان ما يعنيه هذا - فقد نظر بلومبيرغ إلى تلك النخب السابقة في واشنطن باعتبارها صوت الغالبية الصامتة، وبأنها مرعوبة من اليمين المتشدد الذي يمثله ترمب، و"اليسار المتشدد" الذي يمثله ساندرز/وارين.
لكن يبقى السؤال: لماذا قد ترغب هذه الغالبية الصامتة المرعوبة في دعم بلومبيرغ؟ فكل ما يقدمه بلومبيرغ متوفر أصلًا داخل الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي. إذ يوجد في هذه الانتخابات عدد من المرشحين السبعينين (مثل بايدن وساندرز)، ويوجد أكثر مما يكفي من الرجال البيض (بايدن وساندرز وبيت بيتغيج)، كما يوجد العديد من المرشحين الوسطيين (بايدن وبيتغيج وإيمي كلوبشار). كما يخوض الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي أيضًا ملياردير أبيض عجوز، وهو "توم ستاير".
وهناك سؤال آخر: هل سيكون ترشيح بلومبيرغ أمرًا مهمًا؟ ربما لن يكون ترشّحه ذا أهمية كبيرة، وذلك عندما يتعلق الأمر بعاملين في غاية الاهمية: المال والأصوات. ونظرًا لأن الحماس والنشاط يتركّزان وسط شرائح اليسار والشباب والأقليات غير البيضاء داخل أوساط الديمقراطيين، فسيجد بلومبيرغ صعوبة كبيرة في جذب قاعدة انتخابية مؤيدة له. إن قاعدته الانتخابية تتقاطع بشكل كبير مع قاعدة جو بايدن، الذي يمتلك ورقة رابحة متبقية ستمنع ناخبيه من الانتقال إلى مرشح غير مُجرّب مثل بلومبيرغ: قدرة "بايدن" على الفوز بالانتخابات. كما أن عددًا قليلًا فقط من المتبرعين سيفكرون في التبرع لتمويل حملة تاسع أثرى رجل في الولايات المتحدة.
لكن ترشّح بلومبيرغ يمكن أن يضر، بطريقة أو بأخرى، بالمرشحين الديمقراطيين الحاليين، وبحملة الحزب الديمقراطي بأكملها: عبر دفع مقولة إن "الديمقراطيين يفتقرون لمرشح قوي" مجددًا إلى مركز النقاش السياسي. ومنذ أشهر، تحدثت وسائل الإعلام عن وجود "قلق" بشأن حظوظ الحزب الديمقراطي و"حالة عدم يقين" و"ضعف وسط الديمقراطيين".
وتعبّر معظم تلك المقالات ببساطة عن رأي كاتبيها، سواء كانوا صحفيين أو معلّقين، أو أنها مبنيّة، في أفضل الأحوال، على أدلة مرويّة قدمتها مصادر مطلعة مجهولة. ما من دليل حقيقي على وجود حالة إحباط وسط أعضاء الحزب الديمقراطي. صحيح أنه لا يوجد مرشح يحتل مرتبة الصدارة بوضوح في انتخابات الحزب التمهيدية - حتى أن جو بايدن يحظى بنسبة دعم أقل من 30 بالمائة - لكن هذا ليس أمرًا غريبًا في تلك المرحلة من الحملات الانتخابية. في نوفمبر 2015، كان "بين كارسون" يتصدر السباق الجمهوري بنسبة 29 بالمائة، فيما احتل ترامب المركز الثاني بنسبة 23 بالمائة - وهو أمر مماثل للفارق بين جو بايدن من جهة، و وارين/ساندرز اليوم.
باختصار، فإن خوض بلومبيرغ غمار السباق ليس دليلًا على وجود امتعاض وسط القاعدة الشعبية الديمقراطية، لكنه دليل على شعور المؤسسة السياسية الوسطيّة بالقلق من أن أيامها باتت معدودة.
للاطلاع على الموضوع الأصلى .. اضغط هنا
ليس هناك شيء أكبر من غرور رجل أبيض ثري؛ حيث إننا على وشك أن نشهد خوض ملياردير آخر لا يحظى بدعم شعبي غمار سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020. فبعد أن انضم الملياردير "توم ستاير" للسباق الرئاسي في شهر يوليو، حان الآن دور عمدة مدينة نيويورك السابق "مايكل بلومبيرغ".
يشعر "بلومبيرغ"، الجمهوري السابق الذي يُقال إن ثروته تبلغ 52 مليار دولار، بقلق من أن أيًّا من المرشحين الديمقراطيين الحاليين "غير مؤهل"لهزيمة دونالد ترمب. وبالرغم من أن هذا قد يكون صحيحًا، إلا أنه ما من سبب يجعلنا نفترض أن "بلومبيرغ" نفسه مؤهّل للقيام بذلك.
إن ترشحّ "بلومبيرغ" بالطبع لم يكن مفاجئًا؛ فمنذ عام 2008، لم تخل أي انتخابات رئاسية من شائعات ترشح بلومبيرغ. لقد كانت هناك حتى حركة للمطالبة بترشيحه في عام 2008، وأُعيد إطلاقها تحت اسم "لجنة ترشيح بلومبيرغ" عام 2010 من أجل ترشيح الرجل في انتخابات 2012 الرئاسية. لكن لم يكن هناك مطلقًا أي دليل على وجود دعم شعبي حقيقي لترشيح "الثري" للرئاسة.
إن ترشّح بلومبيرغ هو نتيجة منطقية لحملة شعواء لمساندة مرشح ديمقراطي وسطي، وهي الحملة التي ازدادت وتيرتها منذ تعرّض حملة "جو بايدن" لمشاكل، واكتساب حملتي "بيرني ساندرز" و"إليزابيث وارين" زخمًا. وفي الواقع، أطلق بلومبيرغ مرارًا عدة هجمات ضد "إليزابيث ورين"، كان آخرها انتقاده خطتها الخاصة بـ "الضرائب على الأثرياء"، كما ذكر شخص مقرّب من بلومبيرغ منذ بضعة أسابيع، أن "بلومبيرغ سيخوض السباق الرئاسي في حال خروج جو بايدن منه".
وخلافًا للحملات الشعبية الداعمة لليسار داخل الحزب الديمقراطي، تتميز الحملات الداعمة لمرشحي الوسط بأنها مصطنعة، يروّج لها معلّقون مثل "ماكس بوت" و"جينفر روبين"، وهؤلاء بعضهم جمهورين سابقون، ومراكز بحثية جديدة "غير حزبية" مثل مركز Neskenen. وحتى لو كانت هناك بعض الأدلة التي تشير لرغبة معظم الناخبين الديمقراطيين في أن يكون الحزب الديمقراطي "أكثر اعتدالاً" - أيًّا كان ما يعنيه هذا - فقد نظر بلومبيرغ إلى تلك النخب السابقة في واشنطن باعتبارها صوت الغالبية الصامتة، وبأنها مرعوبة من اليمين المتشدد الذي يمثله ترمب، و"اليسار المتشدد" الذي يمثله ساندرز/وارين.
لكن يبقى السؤال: لماذا قد ترغب هذه الغالبية الصامتة المرعوبة في دعم بلومبيرغ؟ فكل ما يقدمه بلومبيرغ متوفر أصلًا داخل الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي. إذ يوجد في هذه الانتخابات عدد من المرشحين السبعينين (مثل بايدن وساندرز)، ويوجد أكثر مما يكفي من الرجال البيض (بايدن وساندرز وبيت بيتغيج)، كما يوجد العديد من المرشحين الوسطيين (بايدن وبيتغيج وإيمي كلوبشار). كما يخوض الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي أيضًا ملياردير أبيض عجوز، وهو "توم ستاير".
وهناك سؤال آخر: هل سيكون ترشيح بلومبيرغ أمرًا مهمًا؟ ربما لن يكون ترشّحه ذا أهمية كبيرة، وذلك عندما يتعلق الأمر بعاملين في غاية الاهمية: المال والأصوات. ونظرًا لأن الحماس والنشاط يتركّزان وسط شرائح اليسار والشباب والأقليات غير البيضاء داخل أوساط الديمقراطيين، فسيجد بلومبيرغ صعوبة كبيرة في جذب قاعدة انتخابية مؤيدة له. إن قاعدته الانتخابية تتقاطع بشكل كبير مع قاعدة جو بايدن، الذي يمتلك ورقة رابحة متبقية ستمنع ناخبيه من الانتقال إلى مرشح غير مُجرّب مثل بلومبيرغ: قدرة "بايدن" على الفوز بالانتخابات. كما أن عددًا قليلًا فقط من المتبرعين سيفكرون في التبرع لتمويل حملة تاسع أثرى رجل في الولايات المتحدة.
لكن ترشّح بلومبيرغ يمكن أن يضر، بطريقة أو بأخرى، بالمرشحين الديمقراطيين الحاليين، وبحملة الحزب الديمقراطي بأكملها: عبر دفع مقولة إن "الديمقراطيين يفتقرون لمرشح قوي" مجددًا إلى مركز النقاش السياسي. ومنذ أشهر، تحدثت وسائل الإعلام عن وجود "قلق" بشأن حظوظ الحزب الديمقراطي و"حالة عدم يقين" و"ضعف وسط الديمقراطيين".
وتعبّر معظم تلك المقالات ببساطة عن رأي كاتبيها، سواء كانوا صحفيين أو معلّقين، أو أنها مبنيّة، في أفضل الأحوال، على أدلة مرويّة قدمتها مصادر مطلعة مجهولة. ما من دليل حقيقي على وجود حالة إحباط وسط أعضاء الحزب الديمقراطي. صحيح أنه لا يوجد مرشح يحتل مرتبة الصدارة بوضوح في انتخابات الحزب التمهيدية - حتى أن جو بايدن يحظى بنسبة دعم أقل من 30 بالمائة - لكن هذا ليس أمرًا غريبًا في تلك المرحلة من الحملات الانتخابية. في نوفمبر 2015، كان "بين كارسون" يتصدر السباق الجمهوري بنسبة 29 بالمائة، فيما احتل ترامب المركز الثاني بنسبة 23 بالمائة - وهو أمر مماثل للفارق بين جو بايدن من جهة، و وارين/ساندرز اليوم.
باختصار، فإن خوض بلومبيرغ غمار السباق ليس دليلًا على وجود امتعاض وسط القاعدة الشعبية الديمقراطية، لكنه دليل على شعور المؤسسة السياسية الوسطيّة بالقلق من أن أيامها باتت معدودة.
للاطلاع على الموضوع الأصلى .. اضغط هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق