عندما تكون الشخص الذي يدير الحوار في برنامج "بلاقيود" ويخبرك فريق الإعداد والإخراج بأنك ستتحدث إلى أول امرأة ترأس حزبا سياسيا في المملكة المغربية وعندما تكون هذه السياسية صاحبة رأي جريء وشجاع في الحكم والسياسة وممارسة السياسة في المغرب، فلابد أن تمعن في القراءة عنها مهما كنت مغربيا.
الدكتورة نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، لاتعوزها الثقافة و الخبرة السياسية، ولا القدرة على التعامل مع الرأي العام والإعلام، وتعول كثيرا على دور وسائل التواصل الاجتماعي في إسماع صوت الشعب رغم الدفع الدارج بمقولة "الاستقرار رغم وجود الظلم"، لكنها تبدو ك "سوبر وومان" أو امرأة خارقة في مهمة خارقة إن لم تكن مستحيلة ضد الاستبداد والفساد، وفي ظل نظام حكم تصفه ب "ملكية تنفيذية هي الآمر والناهي في كل القضايا."
اليسار بالنسبة لها يعيش أزمة وجود وطنيا وعالميا، ومعظم الناس في المغرب كما في معظم البلدان العربية يقولون "رحمة الله" على اليسار وخطابه الطوباوي النخبوي، فقياداته التاريخية وأحزابه مالت مع أنغام اليمين، أو إنها اضمحلت سياسيا ودفعت بحجج البراغماتية والواقعية بينما يتهمها خصومها بالماكيافيلة من أجل البقاء، فتبخرت بذلك مصداقيتها
اليسار بالنسبة لنبيلة منيب يعيش أزمة وجود وطنيا وعالميا، فماذا تفعل على رأس حزب هو أولا مؤلف من تيارات متباينة، وثانيا هو جزء من فيدرالية أحزاب يسارية صغيرة متنافسة فيما بينها بضراوة، على صغر حجمها، حتى أنها تبدو لبعض منتقديها جميعات نشطاء سياسيين أكثر منها أحزابا؟ فما هي وصفة نبيلة منيب السحرية لمعضلة الفشل السياسي في المغرب وما هي مقاربتها للحل ؟
عندما دخل حزبها "الحزب الاشتراكي الموحد" مطلع 2014 شريكا في هذه الفدرالية كان الهدف المعلن هو "النضال الديموقراطي الجماهيري السلمي" للمساهمة في الانتقال إلى "نظام ديمقراطي" من حالة "نظام مخزني" وهو الاصطلاح الدارج في المغرب عند الحديث عن مواطن السلطة والحكم الفعلية في المغرب أو "الدولة العميقة"
بعد أربع سنوات هاهي نبيلة منيب تتحدث في كل محفل ومناسبة بقوة غير عادية عن ضرورة مكافحة الفساد والاستبداد، ب "إصلاحات عميقة" طال انتظارها. وهذه الإصلاحات في نظرها يجب أن تكون أولا وقبل كل شيء دستورية، ومشكلتها مع دساتير المغرب أنها، منذ الاستقلال، دساتير ممنوحة من المؤسسة الملكية وليست دساتير ديموقراطية أساسها الفصل بين السلطات على نحو يحقق بفعالية مبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة".
ولكن ألا يرضي "سيدة اليسار المغربي" الإصلاحات الدستورية التي تمت تحت وطأة احتجاجات حركة 20 فبراير وموجة "الربيع العربي"؟ التي أصبح بموجبها للمغرب لأول مرة رئيس حكومة من الحزب الفائز بأغلبية مقاعد البرلمان بعد أن ظل الملك منذ الاستقلال رئيس مجلس الوزراء يعمل تحت إمرته وزير أول؟
لا تتردد زعيمة الحزب الاشتراكي الموحد في القول إن هذا الوضع "ما فوق الحكومي" هو ما خلق مناخا استفحل فيه نفوذ "مافيات راكمت ثروات هائلة بفضل الاحتكار والريع والإفلات من العقاب"، وهي وجهة نظر سمعناها أيضا من عبد العالي حامي الدين، أحد قياديي حزب العدالة والتنمية الحاكم بأن "المؤسسة الملكية المغربية في شكلها الحالي تعيق الديموقراطية والتنمية". لم يمض ذلك التصريح سهلا يسيرا على صاحبه.
وإذا أنت سألت عن مصطلح اقتصاديات "الريع" في المغرب فلاشك أن له أنماطا مألوفة في بلدان عربية مختلفة، لكنه في المغرب وكما يفهمه رجل الشارع العادي يعني أذونات وترخيصات ميسرة يتمتع بمزاياها الجزيلة - بشكل لافرق كبيرا بينه وبين الاحتكار- أفراد أو عائلات أو شركات في مجالات كالصيد البحري أو الاستيراد أو النقل أوالتعدين وحتى مقالع الرمال والحجارة ... والقائمة طويلة.
ليس ثمة، كما يقول الإنجليز، ودٌّ مفقود بين " سيدة اليسار" والإسلاميين في حزب العدالة والتنمية، ففي نظرها لايستند هذا الحزب سوى إلى نسبة زهيدة من إرادة الناخبين المغاربة (أقل من 10%)، وهي لا تفوت فرصة كي تنهال عليهم نقدا لا هوادة فيه لأن "الدين ملك للجميع ولا يمكن القبول بأسلمة المجتمع، بعد أن كان في سبعينيات القرن الماضي مليئا بالشعراء والكتّاب والمثقفين"؛ لا بل إنها تذهب أبعد من ذلك وتتهمهم بأنهم ضالعون في"التطبيع مع النظام ومساعدتهم إياه" مما أدى في رأيها إلى "ضرب جبهة اليسار". وتتنبأ نبيلة منيب للإسلاميين في المنطقة بفأل سيء من انحسار النفوذ والشعبية لأنهم يشجعون على حد رأيها "الليبيرالية المتوحشة".
هذا المسرح السياسي المغربي، وهذي الليبيرالية المتوحشة التي تلقي بظلالها من الخارج هي ما يدفعني للتساؤل: سيدة اليسار! هل تعرف أين تسير؟
تقول نبيلة منيب الزعيمة السياسية التي لايملك حزبها، حتى ضمن فدرالية من أحزاب يسارية، سوى مقعدين في البرلمان المغربي إنها مصممة على التصدي للفساد السياسي بمشروع ينتقل بالمغرب إلى الديموقراطية والتوزيع العادل للثروة، وإلى مجتمع المواطنة والمساواة، حتى يكون مؤهلا لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة في ظل هجرة الأدمغة والتدخلات الجيو- استراتيجية والتكنولوجية و قضايا الطاقة والمناخ، وهلم جرا.
كان المغرب مؤخرا مسرحا للكثير من الغليان الاجتماعي وهو الآن يشهد الكثير من الجدل السياسي والمناورات السياسية، وهناك من كان يتحدث عن سيناريو انتخابات سابقة لأوانها، وتقول نبيلة منيب إنها كسياسية يسارية الاتجاه لن تكرر خطأ عبد الرحمن اليوسفي الزعيم اليساري الذي دخل الحكم ضمن ترتيب من تداول للسلطة بالانتخاب بوصاية من المؤسسة الملكية، وتؤكد أنها لن تنخرط في الحكم دون فصل بين السلطات وأن على النظام أن يعي إكراهات وضرورات المحافظة على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي بتجربة ديموقراطية كاملة.
من هي نبيلة منيب
(وُلِدت في 14 فبراير 1960) بالدار البيضاء وهي أستاذة جامعية بجامعة الحسن الثاني وسياسية مغربية يسارية وهي الآن الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد وذلك منذ 16 يناير 2012 لخبرتها السياسية وأصبحت بذلك أول امرأة مغربية تتولى منصب الأمين العام لحزب ما . وقد حازت على ديبلوم في علم الغدد الصم من جامعة مونبلييه الفرنسية كما أنها عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، والأمينة الجهوية لها في الدار البيضاء.[5]، وقد اشتهرت بمناضلتها ودفاعها عنحقوق المرأة، وأسلوبها الخطابي النقدي.
لنشاط السياسي
بدأت نبيلة مسارها السياسي أثناء تحضيرها للدكتوراة في فرنسا عام 1985، إذ برزت كمناضلة في إطار شبيبة الطلبة الديمقراطيين، ثم عملت في منظمة حريات الإعلام والتعبير ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي برئاسة محمد بن سعيد أيت إيدر الذي أصبحت بعد الإندماج مع غيرها من التشكيلات اليسارية الحزب الاشتراكي الموحد.[6]
في الاستفتاء الدستوري المغربي 2011، دعت مع حركتها السياسية وفيدرالية اليسار الديمقراطي إلى المقاطعة نظرا لانعدام الديمقراطية في الدستور لأنه يحافظ على الجزء الأكبر من السلطة في أيدي ذات سيادة ولا يوفر الفصل بين السلطات. بل إنها دعت إلى مقاطعةالانتخابات التشريعية ل2011 أيضا. وفي أغسطس 2013 وأثناء اندلاع قضية العفو الملكي عن مغتصب الأطفال، كانت من الأوائل في الرد، تنتقد هذا العفو، وترى أن قرار منح المعتدي والمغتصب الحرية، هو أمر غير مقبول ويجب التراجع عنه في أسرع وقت ممكن، فقد قالت :«العفو عن دانييل يمثل إهانة حقيقية لكل المغاربة، لأنه يُوقف تحقيق العدالة، ويضرب في العمق أبناءنا الذين يمثلون مغرب الغد، ولو كان لدينا دستور ديمقراطي يسمو على جميع السلط والصلاحيات، وقانون يتساوى أمامه الجميع، لتمّ إلغاء العفو الملكي»[7]
وأثناء الأزمة السياسية بين المغرب والسويد، بعد مشروع القانون السويدي الرامي إلى الاعتراف بالجمهورية الصحراوية، ترأست نبيلة الوفد المغربي في ستوكهولم، الذي يتألف من أحزاب اليسار، ما بين 4 و7 نوفمبر 2015، من أجل إيجاد مخرج للنزاع.[8] وفي يناير 2016، أعلن التلفزيون السويدي أن الحكومة السويدية قد تخلت عن مشروع الاعتراف بالصحراء المستقلة.[9]
الانتخابات التشريعية المغربية 2016
في 24 سبتمبر 2016، وتزامنا مع افتتاح حملتها الانتخابية قامت بتأطير اللقاء التواصلي الذي نظمته فدرالية اليسار الديمقراطي بمراكش، تحت شعار "صوت الشعب في البرلمان".[10]
وكانت قد أعلنت ترشحها على رأس اللائحة الوطنية للنساء لفدرالية اليسار الديمقراطي من أجل الحصول على مقعد برلماني من أصل 60 مقعدا مخصصا للنساء بالبرلمان المغربي.[11] وفي 7 أكتوبر 2016 وخلال الانتخابات التشريعية المغربية 2016 تمكنت الفيدرالية من الحصول على مقعدين في البرلمان، بينما لم تتمكن نبيلة من تخطي عتبة الحصول على مقعدها.





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق