الشيح يتحدى كورونا // حافظ البرغوثي

حافظ برغوثي

بدأت التجارب الفعلية على نطاق واسع في بعض البلدان على لقاح مضاد لفيروس كورونا خاصة في روسيا والصين والولايات المتحدة بلغ عددها حتى الآن 200 لقاح بينما ما زالت الدول الأوروبية تتوخى الحذر بهذا الشأن، ربما لعدم وجود أهداف سياسية لحكوماتها من وراء التعجيل غير المدروس للإعلان عن اللقاحات.

ولعلنا لو تابعنا الخريطة الوبائية للجائحة سنلاحظ أن العدوى انتعشت في دول تحمكها شخصيات وأحزاب يمينية استخفت بالفيروس، وأعلن قادتها مرارا عن التوصل إلى لقاح بين ليلة وضحاها لأسباب انتخابية داخلية مثل بنيامين نتنياهو الذي حث الإسرائيليين على التوجه إلى صناديق الاقتراع دون خوف من كورونا، وبعد الاقتراع مباشرة بساعات، أعلن حالة الطوارئ بسبب انتشار الفيروس الذي وصفه بالخطير بينما لم يكن كذلك قبل الاقتراع، وأعلن أيضا عدة مرات بالتزامن مع تصريحات مشابهة متزامنة للرئيس ترامب عن قرب الإعلان عن لقاح، وبدأ الاسرائيليون يتحدثون عن تسويقه عالميا ناسبين الكشف العبقرية اليهودية، بينما أعلن ترامب مرارا أن اللقاح جاهزا وثبت عدم دقة تصريحاته بل أصر على انه سيطرحه في مطلع الصيف ثم تراجع إلى مطلع نوفمبر مع الانتخابات الأمريكية لكي يستند إلى فيروس طفيلي للفوز وهو ما عارضه خبراء وعلماء أمريكيون، وجرى الحديث أن الموعد قد يكون في أبريل المقبل.

وقد خضعت سبل مكافحة والوقاية من الفيروس لأهواء انتخابية في الهند والبرازيل التي تتميز حكوماتها باليمينية كما أن اليمين الإيطالي لعب دورا في تفشي الفيروس في إيطاليا التي كانت أكبر بؤرة للجائحة في الشهور الأولى من هذا العام بعد أن استخف قادة اليمين بإجراءات الحكومة لفرض الإغلاق ودعوا الناس إلى عدم الانصياع لها.

وبالطبع لم تختلف سياسة بوريس جونسون في بريطانيا عن سياسة نتنياهو وترامب وبولسونارو البرازيلي، في مواجهة كورونا ما سمح للفيروس بالتفشي بحيث تحولت بريطانيا إلى الدولة الأولى أوروبيا من حيث الوفيات والإصابات بسبب نظرية مناعة القطيع الفاشلة التي جربها جونسون.

النتيجة الأولية أن تدخل السياسيين بأهوائهم الانتخابية سهّل للفيروس الانتشار بصورة كبيرة، كما أن محاولات بعضهم استرضاء اليمين الديني أدى إلى نتائج عكسية فنتنياهو تكتم على عودة الآلاف من اليهود الأمريكيين من نيويورك دون إخضاعهم للحجر الصحي بينما كانت نيويورك أكبر بؤرة للفيروس في أمريكا، لكي يرضي حلفاءه من أحزاب المتدينين، كما أن الرئيس ترامب أراد استرضاء حلفائه من الكنيسة الإنجيلية الصهيونية التي لا تعترف بالفيروس وناخبيه الذين يؤمنون بحفظ الرب لهم من المرض وتفوق العرق الأبيض لأنه لوحظ أن الوفيات بالفيروس أكثر بين السود في الولايات المتحدة.

الموجة الحالية من الفيروس التي من المتوقع أن تشتد خلال الشهرين المقبلين تتصدرها الدول ذات النظم اليمينية مثل الولايات المتحدة ثم البرازيل ثم الهند ثم بريطانيا.

فالفيروس الذي حير العلماء ما زال يتحدى العلم البشري ولهذا سمحت منظمة الصحة العالمية لتجربة الأعشاب الطبية التقليدية مثل مشروب الشيح وبعض العصارات من الفاكهة الاستوائية الأمازونية فعندما يعجز العلم يعود الإنسان إلى تراثه التقليدي بحثا عن علاج.

ربما لأن هذا الفيروس غير المكتمل من صناعة بشرية وقد يستمر مفعوله عقودا فهو لم يصنع مخبريا إلا لهدف غربلة البشرية وتخفيض عدد سكان الأرض كما قال وزير الدفاع الأمريكي الأسبق مكنمارا في نهاية السبعينات أنه يجب العمل على عدم وصول عدد سكان الارض إلى عشرة مليارات ويجب تخفيضه بالحروب أو بالمرض