سوريا: واشنطن تسحب "الوكالة" من موسكو

. . ليست هناك تعليقات:


لا خيار لأردوغان إلا الهروب إلى الأمام لعله يجد في مزاج الأميركيين الطارئ ما يهديه إلى مخارج السلامة.

الاثنين 2020/02/10


أين ذهبت الوكالة الحصرية


قد يكون مستقبل سوريا ومصير التسوية المقبلة رهن ما سيحدث خلال الساعات والأيام المقبلة. ليس في الأمر مبالغة، ذلك أن ما ترسمه النيران من خرائط يشكل أرضية حقيقية لطبيعة موازين القوى الإقليمية والدولية المعنية بالشأن السوري. يكفي تأمل طبيعة الخلاف المتصاعد بين روسيا وتركيا، كما تأمل الموقف الأميركي اللافت والطارئ، للتأكد من أن الوجبة السورية تطبخ هذه الأيام، وأن توابل العواصم تتدخل على نحو سافر وارتجالي لتغيير ما يعده الطباخون في موسكو.

ومن الجائز أن ننضم إلى المشككين في إمكانية حصول صدام حقيقي بين أنقرة وموسكو فوق الأراضي السورية. غير أنه، مع ذلك، وجب عدم التقليل من جدية الخلافات المندلعة بين سوريا وتركيا من جهة، ومن امتحان العناد في طباع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين من جهة ثانية. والواضح أن هوامش المناورة تضيق على البلدين والزعيمين، وأن عامل الوقت العزيز على قلب الكرملين لا يتواءم مع عامل التوقيت داخل أجندة الحاكم في أنقرة.  


يعوّل بوتين شخصيا على معركة سوريا لتعزيز سلطته الحالية وتلك التي يخطط لتعزيزها في المستقبل في روسيا منذ استقالة (إقالة) رئيس الحكومة الروسي ديمتري ميدفيديف. فاجأ بوتين الروس ومؤسساتها السياسية والعسكرية باقتراح إصلاحات دستورية لتغيير مشهد السلطة والسلطان في روسيا. وعلى هذا فإن انتصاره السوري ركنٌ مفصلي في فرض نفسه زعيماً فوق العادة في موسكو.

بيد أن الرجل بنى أرضية إطلالته على العالم، لا سيما منذ عام 2015، على قدرة بلاده على احتكار إدارة ملف سوريا عسكريا وسياسيا دون منافس أو بديل.

تلقى بوتين ما يشبه مباركة أميركية و"صمتا" غربيا ملتبساً للشروع بورشته النارية في سوريا بعد ساعات فقط على لقاء جمعه بزعيم البيت باراك أوباما في نيويورك خريف ذلك العام. وبناء على تلك "الوكالة" يعوّل بوتين على حسم عسكري سريع في سوريا بغية تحقيق نصر نهائي يتيح لروسيا حصد ثماره في السياسة والمال والاقتصاد.

تحت سقف "الوكالة" أجاد الرئيس الروسي استغلال طموحات إيران وتركيا والتعامل بحذاقة ماكيافيلية مع أطماع إسرائيل.

جرى أن الولايات المتحدة وإسرائيل شاركا الرئيس السوري العمل على تضييق خناق النفوذ الإيراني داخل سوريا وجعله متواضعا مرنا لا يتجاوز المسموح روسيا على الرغم من الطابع التنافسي الذي يظهر سواء داخل منظومة النظام السوري أو على خرائط العقود والمنافع الاقتصادية في سوريا. ولم يعد خافيا على أي مراقب أن قصف المواقع والقوافل والأرتال التابعة لإيران وميليشيات، تارة من قبل الأميركيين وتارة من قبل الإسرائيليين، يحمل ماء غزيرا إلى طاحونة بوتين في سوريا.

وجرى أن بوتين الذي يحتاج إلى الشراكة مع تركيا لإخضاع المناطق الواسعة التي سيطرت عليها المعارضة، تمكن في لحظة إسقاط الأتراك لمقاتلة روسية عام 2015 من إخضاع أردوغان نفسه، والدفع به إلى الإشراف على شلّ المعارضة السورية وإجبارها على التسليم بشروط مناطق خفض التصعيد الثلاث وقبولها "الهجرة" نحو المنطقة الرابعة (إدلب).

على أن الصدام بين روسيا وتركيا هذه الأيام ليس مفاجئا بل هو حتمي لا بد منه.

بدت إدلب معركة بوتين الأخيرة لبسط سيطرة نظام دمشق على كامل الأراضي السورية بالمعنى السياسي للأمر، حتى لو أن المناطق التي يسيطر عليها الأكراد من خلال قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، كما تلك التي ما زالت محسوبة على الحضور الأميركي تمنع عن بوتين وحلفائه ذلك النصر الشامل.

ولئن يحتاج بوتين لسقوط إدلب ليربح كل شيء، فإن أردوغان بات يرى في الأمر خسارة لكل شيء. والمسألة جدية بالنسبة للأمن الاستراتيجي التركي، ذلك أن كل المناطق الشمالية السورية، من شاطئ البحر المتوسط غربا حتى الحدود السورية العراقية شرقا، هي جزء دائم من خرائط الأمن والمصالح التركية أيا كان الحاكم في أنقرة.

وعلى هذا، وفي غياب أي تسوية تضمن لتركيا مصالحها في الأمن والاقتصاد والسياسة، فإن أنقرة قد تذهب بعيدا في المخاطرة بالصدام، حتى بطابعه العسكري الكبير.

وعلى هذا أيضا، فإن أردوغان الذي لطالما أفرط ببراغماتيته على حساب المعارضة السورية وفصائلها، فإنه من خلال إرساله لرجل المخابرات الأول حقان فيدان للقاء رجل المخابرات الأول لدى نظام دمشق علي مملوك في موسكو قبل أسابيع، لوّح بما يمكن أن تذهب إليه أنقرة من تطبيع في علاقاتها مع دمشق حال توفر معادلة تضمن مصالح تركيا العليا.

والواضح أن انهيار الجبهات العسكرية، بما في ذلك قيام نيران قوات دمشق بمهاجمة أهداف تركية وقتل جنود داخلها، يكشف عن فشل اجتماع فيدان-مملوك، لكنه يكشف أيضا عن غضب روسي منح دمشق ضوءا أخضر لتنال نيرانها من الحضور التركي في سوريا. كما أن استمرار العملية العسكرية لقوات دمشق على رغم تواصل الرئيسين التركي والروسي واجتماع وفد روسيا بوفد تركيا قبل أيام، يوحي أن جدل النار أولوي على جدل الدبلوماسية.

لكن الأمور قد تظهر مفاجآت ليست في الحسبان. في ذلك أن الأتراك يحشدون عسكريا على نحو يوحي باستعدادهم لخوض حرب كبرى، فيما تطل الولايات المتحدة على نحو غير مفهوم لكنه مربك لروسيا ومربك لتركيا.

وقد تتفاجأ أنقرة بالموقف الأميركي المباشر في دعمه للموقف التركي داخل سوريا، ذلك أن واشنطن لم تقدم على نحو جلي ما كانت أنقرة تصبو إليه للتخلص من "الخطر الكردي" شرق الفرات. قدم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو موقف بلاده الداعم إلى تركيا دون أن تفهم أنقرة معاني هذا الدعم ومفاعيله العملية، بحيث جاءت لفتة واشنطن غير مقنعة لأردوغان لكنها ليست هامشية بالنسبة لبوتين.

ألحقت الولايات المتحدة إعلانها الداعم لتركيا بموقف أكثر إرباكا عبر عنه المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري. اعتبر الرجل أن تحرك موسكو في إدلب هو "تحرك لروسيا لتحدي وجود الولايات المتحدة في المنطقة".

لا تريد واشنطن "إخراج الروس من سوريا" ولا إسقاط نظام دمشق، وفق تصريحات جيفري المفاجئة، قبل أن يخلص إلى أن بلاده تريد "أن تتصرف سوريا كدولة طبيعية ومحترمة لا تجبر نصف سكانها على الهروب ولا تستخدم الأسلحة النووية 10 مرات ضد مواطنيها ولا ترمي قنابل محترقة عليهم ولا تسبب أزمة لجوء كادت تسفر عن إسقاط حكومات أوروبا، ولا تسمح للإرهابيين مثل عناصر هيئة تحرير الشام أو داعش بالتنامي والازدهار".

في موقف واشنطن ما يعلق "وكالة" أوباما لبوتين وما يخلط كافة الأوراق بما يعيد ترتيب المشهد وفق شروط جديدة تعود فيه الولايات المتحدة لطرح نفسها شريكا أصيلا في أي نهايات تحضر لسوريا. تنصت أنقرة جيدا إلى هذا التطور وفي البال أن التجارب السابقة مع واشنطن لا توحي بأي ثقة يمكن التعويل عليها هذه الأيام. بيد أن لا خيار لأردوغان إلا الهروب إلى الأمام لعله يجد في مزاج الأميركيين الطارئ ما يهديه إلى مخارج السلامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

الدانة نيوز - احدث الاخبار

صفحة المقالات لابرز الكتاب

احدث الاخبار لهذا اليوم

اخر اخبار الشبكة الاعلامية الرئيسية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

تغطية شاملة ويومية للكارثة اللبنانية وتطوراتها

تغطية شاملة ويومية للكارثة اللبنانية وتطوراتها
كارثة افجار مرفأ يروت - غموض وفوضى سياسية - وضحايا - ومتهمين وشعب حزين

الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي

الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي
الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي .. والتطورات المتعلقة به يوما بيوم

اليساريون - الجزء الأول - الجذور

اليساريون - الجزء الأول - الجذور

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة

السلايدر المتحرك الرئيسي مهم دا