نشر موقع ستراتفور الأميركي توقعاته للعام المقبل 2020 في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة، ويقول الموقع التابع لمركز استخباراتي وأمني يحمل الاسم نفسه، إن الغموض الذي يكتنف ما ستؤول إليه نتائج انتخابات الرئاسة والكونغرس الأميركيين العام المقبل، سيصوغ أفعال وقرارات دول العالم.
ويضيف أن الولايات المتحدة ستشهد انتخابات "شرسة" في العام المقبل، مما يعني أن على الدول الأخرى أن تأخذ في الحسبان فرص ومخاطر قراراتها التي تتداخل مع المصالح الأميركية، ومراعاة التغيير المحتمل والمثير في وضعية الولايات المتحدة ما بعد الانتخابات.
ويتوقع مركز ستراتفور -في تقريره- أن تعمل "الدول المارقة" -مثل إيران وكوريا الشمالية والتنظيمات الفاعلة من غير الدول بما فيها حركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية- على تقييم الطرق التي قد تؤثر على سلوكها في استغلال نقاط الضعف في السياسة الخارجية الأميركية، وحساب المخاطر أو الفوائد في إبرام الاتفاقيات مع إدارة الرئيس دونالد ترامب أو ترقب تغيير محتمل في القيادة الأميركية.
وإذا لجأت تلك الدول إلى ممارسة ضغوط على واشنطن لاستثارة رد فعل سريع من جانبها يصب في مصلحة تلك الدول، فإن من شأن ذلك أن يزيد من خطر تبني مواقف عدوانية تشمل عملا عسكريا مع ما ينطوي عليه ذلك من خطأ في حسابات ردود الفعل الأميركية على التكتيكات الاستفزازية، وفقا لتوقعات المركز السنوية.
إيران وأميركا
وتناول موقع ستراتفور في تقريره ما سماه "البؤر الجيوسياسة الساخنة" التي يتعين وضعها تحت المراقبة في العام المقبل، وتكهن بأن إيران والولايات المتحدة ستتجنبان على الأرجح نزاعا عسكريا مباشرا فيما بينهما حتى لو رفعت طهران وتيرة برنامجها النووي ردا على العقوبات الأميركية.
واعتبر أن إيران تواصل خطتها "العدوانية" في استهداف مرافق النفط والغاز الحيوية والملاحة في مضيق هرمز لتدفع بذلك الولايات المتحدة ثمن عقوباتها "القاسية" غاليا.
على أن طهران بإستراتيجيتها "الانتقامية" تجازف بتصعيد الموقف إلى مواجهة عسكرية رغم أن الولايات المتحدة وإيران ستحاولان تجنب مثل هذا التطور.
وإلى جانب ذلك، فإن تكثيف إيران أنشطتها في إطار برنامجها النووي قد يدفعها لأن تحذو حذو أميركا بانسحابها من الاتفاق النووي الذي وقعته مع القوى العالمية الكبرى في 2015.
ومن شأن انسحاب من ذلك القبيل أن يجبر أوروبا على التفكير في فرض عقوبات عليها أو تفعيل آلية فض النزاعات المنصوص عليها في الاتفاق النووي. أما إذا بقي الاتفاق قائما دون أي مساس به، فإن حظر بيع الأسلحة التقليدية الذي تفرضه الأمم المتحدة على طهران سينقضي أجله في أكتوبر/تشرين الأول 2020، الأمر الذي قد يدفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات "عدائية" أحادية الجانب.
الصين وروسيا
ويمضي موقع ستراتفور في توقعاته للعام الجديد، فيقول إن الصين وروسيا ومنافسي أميركا الآخرين وشركاءها في أوروبا وآسيا، ستسعى إلى الدخول في التزامات مع الولايات المتحدة في 2020 أو رفضها مع توخي الحذر الشديد إلى أن يتبين نوع الإدارة الأميركية الجديدة.
وبالمقارنة مع توقعات ستراتفور لعام 2019، فقد أقر المركز الاستخباراتي الأميركي بأنه أقل تفاؤلا إزاء قدرة دول العالم على تفادي "صدمات اقتصادية محلية" في 2020.
فالتوترات الاجتماعية والسياسية الناجمة عن تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد الصيني، وتصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد الظلم الاجتماعي وبرامج التقشف الاقتصادي في أميركا الجنوبية وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، والغموض الذي يلف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فيما يعرف بالبريكست، قد تساهم كلها في عدم الاستقرار الاقتصادي بتلك المناطق.
ومما سيزيد الطين بلة -برأي ستراتفور- عدم اليقين الذي يحيط بوضع اتفاقيات التجارة الدولية والفعالية المحدودة للأدوات المالية والنقدية المتاحة للحكومات والتي تُدار بأسعار فائدة متدنية للغاية.
ومع أن مركز ستراتفور يتوقع تخفيفا جزئيا للتوتر التجاري المحتدم بين الولايات المتحدة والصين، فإن الاختلافات المنهجية العميقة بين البلدين لن تُحل في عام 2020.
إن اختلاف الأجندات الاقتصادية للولايات المتحدة والصين وأوروبا لا يتيح مجالا يُذكر للتعاون فيما بينها مما يفاقم من المخاطر على الاقتصاد العالمي.
التطور التكنولوجي
وسيزيد التنافس الدولي المتصاعد في مجال التطور التكنولوجي من المعارك السياسية، وينال من الاستقرار الاقتصادي.
وبحسب توقعات 2020، سيدفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو استكمال العديد من الاتفاقيات التجارية بقدر الإمكان قبل انتخابات الرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وقد تنفذ واشنطن مزيدا من السياسات الصارمة لتعزيز وضعها التفاوضي في المجالات التي تسعى المحادثات لإحراز تقدم فيها. وربما تنطوي تلك الإستراتيجية على خطر إلحاق الضرر بدعم الناخبين لترامب إذا أدت تصرفات البيت الأبيض إلى تراجع الاقتصاد الأميركي بشكل واضح.
وبينما سيعاني النمو الاقتصادي في أوروبا الغربية من الضعف، فإن الأسواق الناشئة ستواجه هي الأخرى عاما صعبا في 2020. وخص تقرير ستراتفور بالذكر دولا مثل الأرجنتين والبرازيل والهند.
ويشير التقرير إلى أن الاقتصاد التركي قد يواصل انتعاشه البطيء دون أن تلوح استفاقة سريعة له.
ولا يتوقع المركز الأميركي حدوث تقدم يذكر عام 2020 فيما يتعلق بتمديد أو استبدال معاهدة ستارت الجديدة التي أبرمتها الولايات المتحدة مع روسيا في براغ في أبريل/نيسان 2010. وتنص المعاهدة على تخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الإستراتيجية للبلدين بنسبة 30%، والحدود القصوى لآليات الإطلاق الإستراتيجية بنسبة 50%، مقارنة بالمعاهدات السابقة.
وفيما يتعلق بالنفط باعتباره سلعة إستراتيجية، لفت موقع ستراتفور إلى أن الدول المنتجة له -ولا سيما تلك التي تتألف من منظمة أوبك وحلفائها بقيادة روسيا في المجموعة المعروفة باسم (أوبك+)- وافقت على خفض الإنتاج بدءا من عام 2020 بهدف الحد من تدني أسعاره.
على أن التقرير يرى أن التخفيضات المعلنة بواقع خمسمئة ألف برميل إضافية في اليوم -التي تعتزم "أوبك+" إجراءها- لن تسفر على الأرجح عن نتائج ملموسة، وستواصل السعودية ومنتجون آخرون خوض معركة شاقة لإدارة السوق النفطية في 2020، وسيعملون على تمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية العام المقبل، دون توقع مزيد من التخفيضات
.المصدر : نيويورك تايمز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق