عامر القيسي
لم أفرح ، كما فعل غيري أيضاً، بالرقم الفلكي لحجم الاستثمارات الصينية الممكنة في العراق ، والذي أعلن عنه الوفد المكون 56 مسؤولاً
الذي رافق السيد عبد المهدي الى الصين ، وياله من رقم سحري هو الآخر في العقل العراقي ولوعاته منه ..!
خمسمائة مليار دولار ..ياله من رقم سحري يبعث الآمال ويجدد الحيوية ويبني عراقاً سويدياً أو إسبانياً أو صينياً !!
ومن سيرفض أو يعترض ، سواء من الموالاة أو المعارضة الناشئة وربما حتى من المتربصين بالسيد عبد المهدي لإطاحة به من أجل إصلاح بلا برامج !
لكننا من منطلق الحرص على أموال الآخرين علينا أن نجيب على السؤال التالي :
أين ستذهب هذه الأموال الفلكية ؟
وقبل هذا السؤال اللئيم نسأل :
أين ذهبت المليارات العراقية من مالنا الصافي ؟
هنا تكمن المشكلة والكارثة معاً..وهي تشبه مآزق سيزيف مع صخرته ، وتنطبق على محتوى اغنية عراقية تقول على لسان سعدون جابر " مثل اليلم بالماي ويرد جفّه خالي " !!
أحفاد ماوتسي تونغ ليسوا أغبياءً حتى يرموا أموالهم في الجحيم الذي يقول هل من مزيد ، جحيم الفساد الذي حوّل العراق الى أسوأ بلد في حقول الاستثمار والبناء والأمن ..
الفساد المالي مشكلة بنيوية في هيكلية الدولة ومؤسساتها وليس مشكلة اقتصادية ، وبنيويته المتماسكة القوية تمنع حتى عن العملية السياسية أي محاولة للإصلاح وتثبت البلاد والعباد دائماً في مربعها الأول !
السيد عبد المهدي الموسوم بالعقل الاقتصادي يدرك ذلك جيداً ويعي أن حسابات الحقل غير حسابات البيدر ، وإن كلام المليارات الساحرة غير أفواه التماسيح السائلة اللعاب والمتحفزة للانقضاض على ماينتظرونه !
ولأنه يدرك هذه الحقيقة المرّة في البلاد ، عليه أن يفعل المطلوب منه لاصطياد التماسيح في مستنقعاتها الآسنة حتى تأتي مليارات البناء والاستثمار للبلاد ، سواء من الصين أو غيرها ، ودليلنا مؤتمرات المانحين التي كانت كلّها جعجعة بلا طحين ، والسبب وراء هذه النتائج هو :
غول الفساد المالي أولاً ثم تأتي البقية من البيروقراطية وقوانين الاستثمار والوضع الأمني ..الخ
رفع العبادي شعار " الضرب بيد من حديد " ثم اكتشف الرجل أنه لم يستطع أن يحمل خشبة للضرب على الرؤوس فبقي يدور في دوامة النزاهة والمفتشين والموظفين الصغار في مواجهة غير متكافئة مع غيلان الفساد في البلاد !
وقدم وزير الصحة للسيد عبد المهدي رسالة قوية لما يحدث في وزارات الدولة ، حين انتصرت الغيلان على الوزير واجبرته على تقديم الاستقالة التي قالت بوضوح تام :
لااستطيع المواجهة !!
ليس أمام عبد المهدي غير أن يخوض غمار هذه الحرب بشجاعة وقوة في ساحة الكبار وليس الفاسدين الصغار ، ضربة قوية وشجاعة لرأس منتفخ ومدجج بأنواع الاسلحة قد تطيح بالبقية كأحجار الدومينو وربما تفتح باباً للأمل في إمكانية كسب الحرب التي لاتقل أهمية عن الحرب ضد الارهاب ، فهما وجهان لعملة واحدة :
الفساد والإرهاب !
عملة ستبقى هي الأقوى لو استمرت " الحرب " ضدها على منوال السنوات السابقة ، وستطرد كل العملات الجيدة في البلاد والعملات الخارجية ، على عبد المهدي أن يدرك ، وهو يدرك ذلك ، إن أحداً من المجانين لن يفرط بدولار واحد في العراق وهو يعلم علم اليقين أن هذا الدولار سيذهب الى جيوب الفاسدين وليس الى جيوب الإعمار والشعب الفقير !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق