المرصد السوري لحقوق الإنسان: التحركات التركية تتواصل في شمال شرق سوريا استعدادا للعملية العسكرية التي تؤكد أنقرة أنها وشيكة.
الثلاثاء 2019/10/08واشنطن - حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإثنين تركيا من ردّ انتقامي مدمّر لاقتصادها إذا تخطّت "حدّها" في سوريا، وذلك بعدما بدا كأنّه أخلى الساحة أمام هجوم تركي مرتقب على القوّات الكرديّة في الشمال السوري.
وأطلق ترامب تغريدةً جاء فيها "إذا فعلت تركيا ما اعتبرهُ بحكمتي التي لا نظير لها، تجاوزًا للحدّ، فسأقضي على الاقتصاد التركي وأدمّره بالكامل".
Donald J. Trump
✔@realDonaldTrump
As I have stated strongly before, and just to reiterate, if Turkey does anything that I, in my great and unmatched wisdom, consider to be off limits, I will totally destroy and obliterate the Economy of Turkey (I’ve done before!). They must, with Europe and others, watch over...
وعلى الفور تراجعت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها في أكثر من شهر مقابل الدولار الاثنين بفعل تحذير الرئيس ترامب وبسبب المخاوف من هجوم تعتزم أنقرة شنه في شمال سوريا.
ويبدو أن أنقرة تستعد لترسيم خريطة الصراع السوري مرة أخرى مع الترقب لتوغل تركي وشيك شمالي سوريا، في خطوات لتوسيع رقعة الأراضي الخاضعة لسيطرتها على الحدود، مع انسحاب أميركي لنحو 100 جندي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء بأن التحركات التركية تتواصل في شمال شرق سوريا استعدادا للعملية العسكرية التي تؤكد أنقرة أنها وشيكة.
وذكر المرصد أن القوات التركية استقدمت رتلا عسكريا إلى منطقة جرابلس بريف حلب الشمالي الشرقي عند الحدود مع تركيا، بالتزامن مع معلومات عن توجه فصائل موالية لتركيا من منطقة عفرين إلى محيط منطقة منبج في إطار العملية العسكرية المحتملة.
وسيكون هذا ثالث توغل من نوعه لتركيا منذ 2016 بعدما نشرت بالفعل قوات على الأرض عبر قطاع في شمال سوريا بهدف احتواء النفوذ الكردي بسوريا في الأساس.
من جهتهم، سعى المسؤولون الأميركيون إلى تأكيد عدم وجود تأييد لأيّ عمليّة عسكريّة تركيّة والتقليل من أهمّية انسحاب القوّات الأميركيّة المنتشرة في شمال سوريا قرب الحدود مع تركيا.
وأعلن مسؤول أميركي كبير الإثنين أنّ قرار ترامب سحب قوّات أميركيّة متمركزة في سوريا قرب الحدود التركيّة لا يشمل سوى نحو 50 الى 100 جنديّ فقط من أفراد القوّات الخاصّة "سيتمّ نقلهم إلى قواعد أخرى" داخل سوريا.
وقال المسؤول "لا يتعلّق الأمر بانسحابٍ من سوريا"، مشدّداً على أنّ إعادة نشر تلك القوّات لا يعني في أيّ حال من الأحوال إعطاء "ضوء أخضر" لعمليّة عسكريّة تركيّة ضدّ القوّات الكرديّة في شمال شرق سوريا.
وبحسب المسؤول، فإنّ ترامب حينَ فهم، خلال مكالمة هاتفية الأحد بينه وبين أردوغان، أنّ الأخير ينوي المضيّ قدمًا في خطّته لـ"اجتياح محتمل" لشمال شرق سوريا، أعطى الأولويّة لـ"حماية" الجنود الأميركيّين.
وأوضح المسؤول في الإدارة الأميركيّة طالبًا عدم كشف هوّيته أنّ هناك "ما بين 50 و100 عنصر من القوّات الخاصّة في هذه المنطقة، يجب ألا يكونوا عرضة لخطر الإصابة أو القتل أو الوقوع في الأسر إذا ما عبَرَ الأتراك الحدود وخاضوا معارك مع القوات الكرديّة المحلّية".
وأوضح أنّ عناصر القوّات الأميركيّة "سيُعاد نشرهم في مناطق أكثر أمانًا في الأيّام المقبلة"، ليُشير بعد ذلك مرارًا إلى 50 جنديًا.
وأكّد المسؤول أنّ "نقلهم لا يشكّل ضوءًا أخضر"، مضيفًا "ليس هناك من ضوء أخضر". لكنّه قال في المقابل إنّ الولايات المتحدة لن تتصدى عسكريًا لتركيا في سوريا.
واعتبر ترامب أنّ على الأطراف الضالعين في النزاع السوري أن "يحلّوا الوضع"، قائلاً إنّ الأوان آن للخروج من "هذه الحروب السخيفة التي لا تنتهي".
قرار "كارثي"
الأكراد يستعدون بعد خذلان أميركي
أثارَ إعلان البيت الأبيض سحب قوّات أميركيّة موجة إدانة في الولايات المتحدة، حتّى ضمن فريق ترامب.
ودعا السناتور ليندسي غراهام، الجمهوري المقرّب من ترامب، الأخير إلى "العودة عن قراره" الذي "ينطوي على كارثة".
وأحدثت المواقف المتناقضة لإدارة ترامب التباسًا دفع زعيم الغالبيّة الجمهوريّة في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إلى التحذير من عواقب انسحاب "متسرّع" من سوريا سيصبّ في مصلحة روسيا وإيران.
كذلك حذّر المجتمع الدولي من عواقب هجوم تركي مرتقب، وعبّرت الأمم المتحدة عن خشيتها من أزمة إنسانية وقالت إنّها "تستعدّ للأسوأ".
وحضّت فرنسا الإثنين تركيا على الامتناع عن أيّ عمليّة عسكريّة في سوريا قد تؤدّي إلى عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، ودعت إلى إبقاء الجهاديين الأجانب في معسكرات يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق البلاد.
وقالت روسيا إن تركيا لها الحق في الدفاع عن نفسها، لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال الاثنين إنه ينبغي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وإن على كل القوات العسكرية الأجنبية التي لها "وجود غير مشروع" أن ترحل عن سوريا.
وكان الرئيس الأميركي أعلن في نهاية 2018 انسحاب القوات الأميركية الموجودة في سوريا، قبل أن يوضح بعد أشهر قليلة أنّ نحو 400 من هذه القوات سيبقون "لبعض الوقت".
وأكد مسؤول أميركي كبير أنه في المرحلة الراهنة "لا قرار بسحب بقية القوات الأميركية من شمال شرق سوريا".
اقرأ أيضا:
لا صديق إلا الجبال: أردوغان يستعد لمهاجمة أكراد سوريا
هدم الثقة
قبل أن تعود الإدارة الأميركية وتغيّر موقفها، اعتبرت قوات سوريا الديموقراطية أنّ الولايات المتحدة "على وشك هدم الثقة والتعاون".
وكتب المتحدث الاعلامي باسمها مصطفى بالي على تويتر "لا نتوقّع من الأميركيّين حماية شمال شرق سوريا، لكنّهم مدينون للناس هنا بتفسير".
وخلال تظاهرة في بلدة القحطانية (شمال شرق) الإثنين تنديداً بالانسحاب الأميركي، اعتبر عبد السلام علي (48 عاما) انه "لم يعد لدينا خيار سوى الدفاع عن أرضنا، لأنّهم (الأميركيون) يمكنهم أن يبيعوا الأكراد من أجل مصالحهم".
تسيطر تركيا مع فصائل سوريّة موالية لها على مدن حدودية عدّة. وتمكّنت العام الماضي من طرد المقاتلين الأكراد من منطقة عفرين، إثر هجوم واسع دفع عشرات آلاف السكّان الى النزوح.
وبعدما لوّح إردوغان على مدى أشهر بشنّ هجوم في شمال سوريا، توصلت واشنطن مع أنقرة إلى اتفاق فيأغسطس نصّ على إقامة منطقة آمنة تفصل مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد عن الحدود التركية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق