العراق.. دروس من انتفاضة تشرين

. . ليست هناك تعليقات:


العراق.. دروس من انتفاضة تشرينانقسام المجتمع إلى فسطاطين الأول معظم قطاعات المجتمع والثاني الإسلاميين الذين افشلت الانتفاضة محاولاتهم المستمرة للمماهاة بين الإسلاميين كأحزاب سياسية وبين المسلمين الشيعة كعنصر مكون للنسيج الاجتماعي العراقي.

السبت 2019/10/19


انتفاضة الشبيبة الشيعية مؤشر خطير على نضوب الاسلاميين وتآكل ارضيتهم وشرعيتهم

بقلم: فوزي عبدالرحيم
على الرغم من مرور وقت قصير على التظاهرات الاحتجاجية التي بدأت في الأول من تشرين الاول ورغم انها لم تعمر طويلا بسبب القمع الشديد وعوامل اخرى سنغطيها لاحقا فإنها تبقى مادة غنية للكثير من التساؤلات والدروس، ولعل من المفيد التأكيد أن أهمية هذه التظاهرات اتت من شباب صغار ومن نفس البيئة التي يدعي حكامنا الانتماء اليها ومن ثم وبهذا تجاوزت احد اهم اسس النظام السياسي الحالي، وهو تمثيل الشيعة ومظلوميتهم واعتماد ذلك معيارا للولاء والوطنية كما يفند ادعاءات مؤيدي النظام بان البعث يقف خلف الاحتجاجات الذي حاول النفاذ لها وتجييرها دون نجاح حيث تجاوزت الاحداث منذ 2003 البعث فكرا وتنظيما واذا كان للبعث رصيد يملكه لحد الان فهو بسبب فشل الاسلاميين ونظامهم في قيادة البلد نحو التقدم والرفاهية في قطيعة مفترضة مع الماضي البعثي.
ان واحدا من دروس الانتفاضة هو انقسام المجتمع الى فسطاطين، الاول معظم قطاعات المجتمع والثاني الاسلاميين الذين افشلت الانتفاضة محاولاتهم  المستمرة للمماهاة بين الاسلاميين كأحزاب سياسية وبين المسلمين(الشيعة) كعنصر مكون للنسيج الاجتماعي العراقي، فقد تغيرت الامور وأعيدت الاصطفافات الى وضعها الصحيح، بتحديد أسس الصراع واطرافه الذين هم سلطة تتمتع بالامتيازات الممنوحة على اساس الولاء وبين غالبية تعاني من التهميش السياسي والحرمان من حقوق المواطنة.. لقد فشلت الآمال في ظهور جيل من الاسلاميين يرفض السياسات التي عانى مثلها في النظام السابق محتكما الى اساسيات الدين الاسلامي في العدل والمساواة والناي عن المفسدين، فحجم الامتيازات والتضليل الديني منعت ذلك، وهو الامر الذي اعاد المبادرة الى يد الجمهور العادي وخاصة الشباب منه الذي يعاني من الحرمان من التمتع بثروات بلده والحرمان من المساهمة السياسية.
ان انتفاضة الشبيبة الشيعية مؤشر خطير على نضوب الاسلاميين وتآكل ارضيتهم وشرعيتهم، فهذا الشباب هو الذي سيسود المجتمع بعد سنين فكيف سيكون حجم قاعدة الاسلاميين؟ لقد اظهرت انتفاضة تشرين على السطح اشكالية مركبة يعاني منها المجتمع العراقي وهي الافتقار للتنظيم، بل والتطير منه وهو امر كان له بالغ الاثر على مجريات ومالات الانتفاضة, اذ واجه المنتفضون صعوبة في الامور اللوجستية اضافة الى عدم النجاح في تحديد الاهداف ووضع الاولويات بشكل متناسب مع ظروف الحراك والظروف العامة، وهو ما أدى لإرباك الشباب وحتى ارباك جمهوره وكل ذلك ادى الى تدخلات غير محمودة لجهات أو افراد اذت الحراك كتحميله اهدافا مبالغا فيها ولا تتناسب مع الواقع السياسي او قلب الاولويات بشكل خطير أو الدعوة لحمل السلاح وكل ذلك كان يمكن تفاديه بوجود تنظيم ليس بالضرورة ان يكون حزبا سياسيا حيث برز في الانتفاضة التطير من كلمة الحزب او التنظيم السياسي ورغم ان جزءا من هذا التطير مقصود به السلطة واحزابها اضافة لتجربة حزب البعث السيئة فان ثمة رفضا لفكرة الحزب والتنظيم تغذيها اوساط سياسية لتسهل قبول صيغ اخرى للعمل السياسي ..وفي موضوع متصل بينت الانتفاضة وجود فراغ سياسي يجب على الوطنيين العراقيين ملاه وقطع الطريق على الاعداء من شغله لمصالح غير وطنية، فقد مضت 16 عاما على سقوط نظام صدام كانت كافية لاي حركة سياسة ان تثبت وجودها في الميدان بما يعزز ثقة الاجيال الشابة بها وهو امر لم يحصل نتيجة الكسل والمصالح الحزبية وفقدان الرؤية.
لقد ظهر من خلال الكثير من الممارسات خلال الانتفاضة، وخصوصاً تلك التي انطلقت خارج العراق دعما لها ان بعض الممارسات والسلوكيات البعثية تمارس من قبل جزء من الجمهور وهو يعبر عن تأييده للانتفاضة وهو يجعل مهمة توحيد المواقف والجهود اصعب فالبعض كان يتبنى مفردات ومصطلحات لوصف السلطة هو جزء من الخطاب البعثي، ان استحضار بعض اغاني الحرب العراقية الايرانية حتى تلك التي لا تمجد صدام ليست اداة جيدة للتعبير عن حب العراق ودعم انتفاضة شبيبته فهي لا تساهم في توحيد النظرة والجهود دعما لشباب الانتفاضة ومنعا للسلطة ومناصريها من اقتناص ذلك دليلا على بعثية الحراك.
لقد أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي في تغطيتها للانتفاضة، وتعبيرها عن دعمها غلبة التيار الشعبوي اليساري الذي يدعو لمطالب الحد الأقصى، غير الواقعية ويشجع على الخيارات المغامرة والانتحارية وهو أمر بالغ الخطورة يخدم السلطة بتعريض المنتفضين لاختبار غير متكافئ يجعل من معركتهم مغامرة ان تمت خسارتها انتهى كل شيء وذلك بعيدا عن التصور الواقعي للمعركة مع الفساد على انها معركة طويلة وفيها جولات وعلينا دائما ان لا ننزل للمعركة بكل اوراقنا وان يكون لدينا تصور لأهداف وشعارات كل مرحلة وكل ذلك يتطلب نزول القوى الوطنية التي لازالت تمارس العمل السياسي ضمن الاليات التي يرضى عنها النظام الى الشارع لدعم وتوجيه الشباب المنتفض. إن الفرصة لازالت قائمة للجميع للمساهمة في الحراك الشعبي من الان مهما قد تختلف اشكاله مستقبلا وذلك كي لا تفاجئنا الأحداث ونجلس متفرجين على قتل ابنائنا.
إن واحدا من انجازات انتفاضة تشرين هو عودة ظهور الوطنية العراقية بقوة على يد الجيل الجديد معبرا عنها بشعاراته وتصديه بصدور عارية للرصاص وهو يهتف فقط للعراق، وهي خطوة جبارة في بلد لازال حديث عهد بحرب طائفية ,اذ يتوقع ان تكون لها تداعيات ايجابية على العمل السياسي ودور الاحزاب الاسلامية ,كما كان من الامور اللافتة اثناء وبعد الانتفاضة غياب الرؤيا والبصيرة السياسية لكل احزاب الاسلام السياسي التي افتقرت للحد الادنى لتصور مشاكل البلد ومعاناة ناسه وهو ما قادها الى الوقوف عكس منطق الحياة واغلبية المجتمع عندما ذهبوا بخفة شديدة لنسبة المظاهرات الى البعث تارة والى اميركا واسرائيل تارة اخرى، وهو ما ينذر بغياب للحلول وان كانت جزئية او طويلة المدى وهوما يثير الشكوك  في مستقبل النظام اذ ان ذلك يعزز من خيار القمع طريقا وحيدا للحفاظ على النظام السياسي وهو خيار يعني ضمن امور اخرى وخصوصا بصيغته المتطرفة والشرسة التي رأيناها في الايام الماضية ان الهوة اصبحت كبيرة بين الشعب وحاكميه مثلما تدل على عظم المصالح التي يدافع عنها مناصرو النظام والتي حصلوا عليها بأساليب غير شرعية، والتي تجعل من القسوة الشديدة امرا مقبولا ومشروعا لهؤلاء.
لقد اثبتت الاحداث تعدد مراكز القرار وهو امر وصل برئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ان يقول انه لم يصدر قرارا بإطلاق النار على المتظاهرين جاعلا ذلك في ذمة طرف ثالث! وهو ما يؤكد على عدم احتكار الدولة للسلاح والسيطرة عليه، أن النظام السياسي وصل الى طريق مسدود حيث فقد القدرة على التغيير والتكيف والتنازل لأن ذلك يمر عبر مصالح رموزه كما انه غير مستعد لا للتنحي ولا بقبول مشاركة حقيقية من الاخرين ما يرتب على الجميع توقع الأسوأ وهنا يجب ان نبين للشبيبة المنتفضة ان طريقهم طويل وانهم انما خطوا خطوة واحدة لكن جبارة وصحيحة ربما لأول مرة اذ ان معركتهم مع الفساد صعبة ومعقدة وتحتاج لجهود مضنية ولتحالفات واسعة وكل ذلك يجب ان يبدا من الآن.

كاتب عراقي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

الدانة نيوز - احدث الاخبار

صفحة المقالات لابرز الكتاب

احدث الاخبار لهذا اليوم

اخر اخبار الشبكة الاعلامية الرئيسية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

تغطية شاملة ويومية للكارثة اللبنانية وتطوراتها

تغطية شاملة ويومية للكارثة اللبنانية وتطوراتها
كارثة افجار مرفأ يروت - غموض وفوضى سياسية - وضحايا - ومتهمين وشعب حزين

الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي

الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي
الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي .. والتطورات المتعلقة به يوما بيوم

اليساريون - الجزء الأول - الجذور

اليساريون - الجزء الأول - الجذور

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة

السلايدر المتحرك الرئيسي مهم دا