وصفت الدوائر السياسية في بيروت، حال المشهد اللبناني العام، بأن الترقب في لبنان انتهى إلى حالة من «اللامبالاة الأقرب لليأس المطلق» لعدم جدوى ترقب التغيير والإنقاذ، وأنه من المُعيب أن إلحاح باريس المستمر بتسريع ولادة الحكومة الجديدة، كان يُقابل من أهل القرار بالمزيد من التسويف والمماطلة، سواء في التأخير في تحديد موعد الاستشارات الإلزامية، ثم في التأجيل المفاجئ من الأسبوع الماضي إلى الأسبوع الحالي.
وما زال أهل السياسة يناورون ويتصارعون، ويُبشرون بأن التكليف غداً، ولكن التأليف يبقى في يوم آخر، وقد يحصل يوماً ما قبل نهاية العام الحالي، بحسب تحليل صحيفة اللواء اللبنانية.
وبينما أكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل للصحيفة، أن الأمور «ماشية»، والمتوقع ان تجري الاستشارات غدا الخميس ويحصل الحريري على اكثر من سبعين صوتاً.
وعن المشاكل المرتقبة في تأليف الحكومة ؟ قالت المصادر: نعتقد أن الأمور ستكون مُيسّرة ايضاً، لكننا لن نستبق الأمور، والرئيس الحريري يسير خطوة خطوة ومرحلة تلو مرحلة. «لنخلص من التكليف منحكي بالتأليف». والقصد أن تأليف الحكومة سيكون متلازما للتكليف.
ومع تعدد التوقعات حول موعد ونتيجة الاستشارات النيابية الملزمة، لم تستبعد مصادر متابعة، ان تتوزع الاحتمالات في ما خص الاستشارات ومصيرها غداً بين:
التمسك بالموعد، والدعوة إلى التوافق قبل فوات الأوان.
والدعوة إلى لقاء لرؤساء الكتل، للتفاهم على وضعية الحكومة، إذا حسم من سيشكلها (الرئيس الحريري).
أو الأخذ باقتراح الأمين العام لحزب الطاشناق، النائب هاغوب بقرادونيان، بتأجيل تقني ليومين أو ثلاثة لا أكثر، لتأمين حصول الرئيس المكلف على دعم أكبر من النواب، مؤكدا أن «أي تغيير في المواقف لم يحصل في الأيام الماضية».
وفي نفس السياق، أوضحت مصادر مطلعة لصحيفة اللواء اللبنانية، أن الثابت في المشهد الحكومي يتصل بتكليف الرئيس سعد الحريري في يوم الاستشارات على أن الساعات المقبلة فرصة لجميع الكتل النيابية لحسم أمرها مع العلم ان بعضها كان واضحا في تحديد رغبته في التسمية.
ولكن ..لا توجد معطيات جديدة تتصل بمرحلة ما بعد التكليف، كما لا يوجد مشهد معد سلفا للتأليف، ما يطرح السؤال عن استخدام بعض الفرقاء لأوراقهم التفاوضية وكيفية تلبية الرئيس المكلف لمطالب الكتل ولاسيما تلك التي سمته.
وإذا كانت الظروف الدولية تحديداً ستؤدي إلى تمرير التكليف غدا الخميس ، فإنّ التأليف دونه عقبات وأزمات تؤكد أن لبنان ذاهب إلى جدال عقيم يفاقم من إهدار الوقت والفرص.
وحذر خبراء اقتصاد ومال في بيروت، من مواجهة لبنان لتحديات غير مسبوقة في تاريخه، على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية، ويواجه مصير «صفر دولار»..ويرى الباحث السياسي اللبناني، سمير سكاف، أن ما يجري في السياسة اللبنانية هو عملية حسابية بسيطة وسهلة نتيجتها الاقتصادية والمالية صفر! صفر دولار هو حجم المساعدات التي يمكنها أن تصل في هذه الظروف! وصفر دولار هو قيمة الاحتياط النقدي القابل للتحريك من قبل مصرف لبنان بعد فترة قصيرة ستؤدّي الى رفع الدعم، وصفر دولار هو قيمة سحوبات اللبنانيين من ودائعهم.
إن الأداء السياسي الطائفي المحاصصاتي نفسه يؤدي الى تعميق الأزمة والى زيادة حجم الكارثة الإنسانية المنتظرة. وهو غير قادر على تقديم أي حل!
وفي المقابل.. ترفض أجواء الثورة إعادة تدوير رجالات أحزاب السلطة في الحكومات المقبلة، قبل انتخابات نيابية جديدة تعيد انتاج الشرعية الشعبية وتعيد انتاج السلطة. كل الطرق الأخرى تؤدّي الى الاصطدام بجدار الثورة. فالهوة كبيرة والثقة مفقودة بين الشعب وأهل الحكم ن بحسب تعبير سمير سكاف، والمخرج السياسي، وهو في الحقيقة المدخل السياسي للحل، يكون بحراك انتخابي «يشغّل موتورات» الديمقراطية للدخول في عهد جديد من تطوير دولة مدنية، بأداء سياسي واقتصادي وإداري شفاف. هذا إذا توفرت النيّة الطيبة، وهي غير متوفرة! أما البديل فهو الحفر في أرض جهنم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق