قمة حلف شمال الأطلسي في الذكرى السبعين لتأسيسه تُعقد في لندن وقع سجال أثاره الرئيس الفرنسي بحديثه عن موت سريري للحلف، بينما لا يشكل موضوع الحفاظ على وحدة موقفه أولوية بالنسبة إلى الأميركيين.
فرنسا تخوض مواجهةً في حلف الأطلسي بعد انتقادات ماكرون
تصريحات ماكرون عن احتضار حلف الناتو تؤجج الخلافات داخل الحلف
قمة لندن تناقش موضوع 'تقاسم العبء' المالي وسط خلاف على المخصصات
فرنسا ستطالب حلفاءها بتعديل آليات اتخاذ القرار داخل حلف الناتو
بروكسل - قبل أسبوعين من قمة حلف الأطلسي في لندن في الذكرى السبعين لتأسيسه، تُقدّم فرنسا الأربعاء لحلفائها مطالبها لتعديل آلية اتخاذ القرارات داخل الحلف الذي يعتبر الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون أنه في حالة "موت سريري" في وقت لا يشكل موضوع الحفاظ على وحدة موقف الحلف أولوية بالنسبة إلى الأميركيين.
وأثار تصريح ماكرون وانتقاده للقيادة الأميركية صدمة في حلف الأطلسي. وقالت سفيرة الولايات المتحدة بايلي هاتشيسون "نحن غير موافقين إطلاقا على تقييم الرئيس ماكرون لحلف الأطلسي"، وهو الموقف ذاته الذي رددته بعثات أخرى.
وقالت مصادر في باريس "لدى الرئيس ماكرون أمور تتناول المضمون يصعب قولها.. خاطر بشعبيته ويتحمل هذه المسؤولية".
وأكدت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية أميلي دو مونشالان أن حلف الأطلسي يحتاج اليوم إلى "إعادة التفكير بإستراتيجيته".
ويُتوقع أن يقدم وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى الحلف توضيحات وكذلك طلبات واقتراحات الأربعاء أثناء اجتماع مع نظرائه في بروكسل، بحسب مصادر دبلوماسية.
وقدّمت ألمانيا اقتراحا للمساعدة في "الحدّ من الأضرار" بعد انتقادات وجهها الرئيس الفرنسي للحلف.
واقترح وزير الخارجية الألماني الاشتراكي الديمقراطي هايكو ماس تشكيل لجنة خبراء يترأسها الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ لتعزيز العملية السياسية داخل الحلف وهو في الأصل منظمة عسكرية.
وقال دبلوماسي رفيع المستوى "الأمر السيئ حصل. الآن علينا الحدّ من الأضرار بهدف إظهار الوحدة أثناء قمة لندن"، مضيفا "سنستمع إلى ماس وسنستمع إلى لودريان".
وأكد ستولتنبرغ أن الاجتماع سيسمح بمناقشة مخاوف فرنسا. وقال إن "ثلاث مشاكل تزعزع استقرار حلف الأطلسي: سلوك الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سلوك تركيا وسلوك ماكرون".
ومن المقرر عقد جلستي عمل بعد وصول وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، فيما تبدأ الجلسة الأولى عند الساعة الرابعة بعد الظهر (15:00 ت غ) وستكون مخصصة لتحضير قمة لندن المرتقبة في الرابع من ديسمبر/كانون الأول.
أما الثانية فستكون عشاء عمل عند الساعة السابعة مساء (18:00 ت غ). وستسمح بمعالجة المسائل الإستراتيجية لاسيما مسألة الفضاء وهو مجال جديد للعمليات الدفاعية للحلف الذي يملك أعضاؤه قرابة ألف قمر صناعي في المدار.
وتناقش الجلسة أيضا وضع الحلف مقابل تصاعد نفوذ الصين التي لديها "ثاني أكبر ميزانية عسكرية في العالم والحاضرة جدا في الفضاء الإلكتروني"، وفق ما أوضح الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ.
وفيما عُلم أنه لن يتمّ نشر أي بيان عقب هذا الاجتماع، ستجدّد فرنسا تأكيد تمسكها بحلف الأطلسي، بينما شدّد مسؤولون فرنسيون على أن "لا غنى عن الحلف، لكن لن يكون هناك حلف أطلسي قوي من دون دفاع أوروبي قوي".
ولم يكن غضب الحلفاء مفاجئا، فقد قالت مصادر فرنسية "لا نسعى للفوز بشعبية في مسابقة، لكن نريد أن يتمّ سماعنا والإصغاء إلينا".
لكن لدى بعض الدول موقف مختلف تماما بحسب موقعها. وعلق دبلوماسي "في حلف الأطلسي، الشعور السائد هو إبقاء الأميركيين مرتبطين بأوروبا مهما كان الثمن. يتبنى أعضاء الاتحاد الأوروبي الخطاب الأميركي الذي يعتبر روسيا والصين خصمين. وهذه الدول نفسها عندما تكون ضمن الحظيرة الأوروبية تعتبر روسيا والصين شريكتين ومنافستين تجاريتين".
ويخشى معظم الحلفاء من ردود فعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في لندن، حيث يواجه المزيد من الضغوط على وقع إجراءات لإقالته.
وخلال القمة الأخيرة لحلف الأطلسي، انتقد ترامب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل متهما إياها بأنها لم تساهم بشكل كاف في جهود الدفاع وبالمشاركة في إعادة تسليح روسيا من خلال شراء الغاز منها.
ويهيمن على قمة لندن بشكل أساسي موضوع "تقاسم العبء" إذ أن ألمانيا لا تريد أن تُعتبر بعد الآن في موقع يعرضها للانتقاد. وقد رفعت ميزانيتها الدفاعية ويُفترض أن تبلغ 50.3 مليار يورو عام 2020، أي 1.42 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها نسبة لا تزال بعيدة جدا من نسبة الـ2 بالمئة التي فرضها ترامب.
وأعلن ستولتنبرغ أن "أرقاما جديدة حول مساهمات الحلفاء سيتمّ نشرها قبل القمة". وتقول فرنسا إنها لا تخشى الاختبار، فيما أوضحت مصادر باريس أن ماكرون وترامب "أجريا محادثة جيدة" بعد الموقف الذي اتخذه الأول.
وقال أحد ممثلي الدولة الفرنسية إن فرنسا "حليف ملتزم على الأرض ويتحمّل مسؤوليته. فرنسا ستبلغ هدف الـ2 بالمئة لنفقاتها العسكرية وسبق أن تجاوزت الطلبات بشأن القدرات ولديها 30 ألف عسكري ينتشر بعضهم في عمليات كبيرة وخطيرة"، محذّرا "لسنا نحن من يتلقى دروسا في التضامن".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق