ومنذ انتخابه نهاية العام الماضي، اعتبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن تعديل الدستور يعد "أولوية الأولويات" في ولايته الرئاسية.
وتعهد تبون بأن "يُحدث القطيعة مع ممارسات النظام السابق وينهي الحكم الفردي ويضع حداً للصلاحيات الإمبراطورية لرئيس البلاد" التي جاء بها دستور فبراير/شباط 2016 في عهد الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
وتسببت جائحة كورونا في خلط أجندة أولويات الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي كان تبون ينوي مباشرتها بعد تسلمه مقاليد الحكم في 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، بما فيها التعديل الدستوري الذي تم إرجاؤه من الربع الأول لهذا العام إلى نهايته.
وللمرة الأولى منذ استقلال البلاد، اختارت السلطات الجزائرية، يوم الأحد، موعداً لإجراء الاستفتاء الشعبي على الدستور، بعد أن كان يوم الخميس، مخصصاً لكل المواعيد الانتخابية بما فيها الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية والاستفتاءات الشعبية.
واختارت الرئاسة الجزائرية موعد الأول نوفمبر/تشرين الثاني لإجراء أول استحقاق انتخابي في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، والمتزامن مع احتفالات البلاد بالذكرى الـ66 لاندلاع الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي (1954 – 1962).
واعتمدت الجزائر شعاراً رسمياً للاستفتاء الشعبي، مستمداً أيضا من الثورة التحريرية وهو "1954 نوفمبر التحرير.. 2020 نوفمبر التغيير"، معتبرة أن موعد الأحد الانتخابي "سيأتي بالاستقلال الثاني للبلاد" من خلال القطيعة مع سياسات نظام بوتفليقة.
فيما اعتبرها المعارضون لما جاء في التعديل الدستوري "محاولة لاستعطاف الجزائريين واللعب على وتر ما يعرف بالشرعية الثورية لتفادي حرج نسب التصويت الضعيفة".
24 مليون ناخب
كشف، السبت، محمد شرفي رئيس السلطة المستقلة لمراقبة وتنظيم الانتخابات بالجزائر عن أرقام تتعلق بالاستفتاء الشعبي على التعديل الدستوري، الذي سينطلق، الأحد، في كامل محافظات البلاد.
وبلغ عدد التجمعات الانتخابية الخاصة بالحملة الانتخابية حول الاستفتاء 1905 تجمعات نظمتها أحزاب ووزراء وشخصيات سياسية أخرى، دعت الجزائريين لـ"التصويت بقوة" يوم الاستفتاء.
وأوضح محمد شرفي بأن عدد الهيئة الناخبة الرسمية والنهائية (الناخبين) بلغ 24 مليوناً و453 ألفاً و310 ناخبين، مسجلة أسمائهم فيما يعرف بـ"البطاقة الانتخابية" التابعة لسلطة الانتخابات بعد أن كانت من صلاحيات وزارة الداخلية.
ووصل عدد المراكز الانتخابية 13 ألفاً و193 مركزاً انتخابياً، تضم 60 ألفاً و613 مكتب تصويت داخل الجزائر، وكذا 43 مركزاً انتخابياً خارج البلاد.
وقدر "شرفي" عدد المكاتب المتنقلة بـ139 مكتباً، فيما وصل عدد المؤطرين من الموظفين والأساتذة 438 ألف مؤطر في جميع مكاتب ومراكز التصويت.
وللمرة الأولى تكشف سلطة الانتخابات عن عدد أوراق التصويت في إشارة إلى ورقتي "نعم" و"لا"، وبلغ عددها 56 مليونا و654 ألف ورقة، تم إرسالها إلى كافة مراكز ومكاتب التصويت داخل وخارج البلاد.
وكذا 10 آلاف قنينة من الحبر الفوسفوري المستورد من النرويج، وهو الحبر الذي يستعمله الناخبون بعد أداء واجبهم الانتخابي، حيث تعتمد الجزائر على بصمة الناخب بالحبر عوضاً عن التوقيع اليدوي في السجلات المخصصة بأسماء المصوتين.
استفتاء افتراضي
وفي الوقت الذي تتهيأ فيه السلطات الجزائرية لأول استحقاق انتخابي في عهد تبون، لم تهدأ مواقع التواصل الاجتماعي من حالة الجدل والنقاش حول ما تضمنه مشروع التعديل الدستوري.
ورجح محللون سياسيون جزائريون لـ"العين الإخبارية" أن يشهد الاستفتاء الشعبي على التعديل الدستوري "نسب مشاركة كبيرة مقابل تراجع نسب العزوف والمقاطعة" مقارنة بالمواعيد الانتخابية التي جرت في العقد الأخير.
إلا أنهم أجمعوا على ما وصفوه "صعوبة التكهن بنتائج الاستفتاء بشكل غير مسبوق، وسجلوا "اهتماماً شعبياً لافتاً بمضمون التعديل الدستوري، خصوصاً المواد التي أثارت الكثير من الجدل".
ورصدت "العين الإخبارية" منذ الأسبوع الماضي، ارتفاع وتيرة النقاش بين الجزائريين سواء عبر منصات التواصل أو في نقاشاتهم بالشوارع والمقاهي.
ولجأ عدد من رواد مواقع التواصل في سابقة هي الأولى من نوعها، إلى نشر استفتاء افتراضي عبر صفحاتهم الخاصة على موقع "الفايسبوك" لمعرفة توجه الجزائريين للتصويت بـ"نعم" أو "لا" على تعديل الدستور.
وكان لافتاً تفاعل الجزائريين واستجابتهم لموضوع انتخابي بعد عقود من العزوف والمقاطعة من خلال التعليقات الهائلة.
وكذا ميل كفة "لا" على حساب "نعم" في كثير من نتائج سبر الآراء الذي أجراه عدد من الجزائريين والصفحات المهتمة بالشأن السياسي الجزائري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق