وفي حين أبدى ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية جناح عقار تفاؤله بأن يحدث الاتفاق نقلة استراتيجية في إكمال مهام الفترة الانتقالية وثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام الإنقاذ، قال الخبير الاستراتيجي إسماعيل مجذوب لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الطريقة التي تدار وتنفذ بها الترتيبات الأمنية هي التي ستحدد نجاح أو فشل مجمل العملية.
وطالب عرمان في تصريحات نقلتها عنه وكالة السودان للأنباء، باستخدام السلام على نحو استراتيجي وليس تكتيكي لرسم ملامح جديدة، وإيجاد كتلة قوية فاعلة وداعمة للمرحلة الانتقالية، كما طالب بضرورة التركيز على تحسين معاش الناس وتحسين الاقتصاد والاتجاه نحو إعادة الوجه المنتج للريف السوداني.
وشبه عرمان ما تم من إنجاز في قضية السلام بتحريك جبل كامن، مشيراً في هذا الصدد الى وجود عدد من حركات الكفاح المسلح مجتمعة في اتفاق واحد للسلام لم يستطع النظام السابق تحقيقه في ثلاثين عاما.
وفي ذات السياق، قال الناشط الدارفوري خالد حلفاوي لموقع "سكاي نيوز عربية" إن هنالك العديد من بؤر التوتر في المناطق المحيطة بجبل مرة ومعسكرات النازحين، مما يتطلب ضرورة تنفيذ الترتيبات الأمنية بالشكل الذي يحقق الأمن والاستقرار لسكان تلك المناطق، ومواصلة الجهود للوصول إلى سلام شامل يضم كافة الأطراف.
وتبدي بعض القوى السودانية تخوفها من أن يعقد الاتفاق الجزئي المشهد السياسي والأمني في البلاد، وقال المكتب السياسي للحزب الشيوعي في بيان إن اتفاقية جوبا للسلام، بصورتها الراهنة لن تحقق السلام المنشود، لأنها ليست اتفاقية شاملة أو نهائية كما تدعي أطرافها ومهدد لوحدة ومستقبل البلاد، وفقا لتعبير البيان.
ورأى بيان الحزب الشيوعي أن ما جرى هو تكرار للتجارب السابقة الثنائية والحلول الجزئية التي تنتهي بمحاصصات ومناصب للمفاوضين على حساب القضايا الأساسية.
لكن الوساطة والأطراف الموقعة تقول إن الاتفاق يعالج قضايا شملت الجوانب السياسية والترتيبات الأمنية والمسارات السياسية وتقاسم السلطة والثروة.
وتلخصت أبرز بنود الاتفاق في وقف الحرب وجبر الضرر واحترام التعدد الديني والثقافي والتمييز الإيجابي لمناطق الحرب وهي دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان. كما نص الاتفاق على تمديد الفترة الانتقالية إلى 39 شهرا ابتداء من تاريخ توقيع الاتفاق على أن تشارك الأطراف الموقعة في السلطة الانتقالية بثلاث مقاعد في مجلس السيادة ليرتفع عدد أعضاء المجلس إلى 14 عضوا، وسيحصل الموقعون أيضا على 5 مقاعد في مجلس الوزراء حيث يتوقع رفع عدد الحقائب الوزارية إلى 25 حقيبة، و 75 مقعدا في المجلس التشريعي الذي يتوقع تشكيله من 300 عضوا.
وتضمنت بنود تقاسم السلطة تمكين المناطق المتضررة من الاستفادة الكاملة من نحو 40 في المئة من عوائد الضرائب، والموارد والثروات المحلية في حين تذهب نسبة 60 في المئة المتبقية للخزينة المركزية.
وحدد الاتفاق 39 شهرا لعملية الدمج والتسريح المتعلقة بمقاتلي الحركات المسلحة مع تشكيل قوات مشتركة من الجيش السوداني والشرطة والدعم السريع لحفظ الأمن في ولاية دارفور والمنطقتين تمثل فيها قوات الحركات المسلحة بنسب تصل إلى 30 في المئة.
ونص الاتفاق كذلك على منح منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان صيغة حكم ذاتي حددت من خلالها اختصاصات السلطات المحلية والفدرالية، بما في ذلك سن القوانين والتشريعات التي اتفق على أن تستند لدستوري 1973، إضافة إلى تشكيل مقتضيات أهمها مفوضية للحريات الدينية.
وشاركت في الاتفاق عدد من الحركات المسلحة أبرزها الحركة الشعبية شمال - جناح مالك عقار- وحركة جيش تحرير السودان - جناح أركي مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، إضافة إلى مجموعات غير مسلحة تشمل مسارات الوسط والشرق والشمال.
وظل السودان يعيش منذ نهاية العقد الخامس من القرن الماضي حروبا أهلية حصدت أرواح نحو 4 ملايين شخص، وأجبرت أكثر من 10 ملايين على النزوح الداخلي هربا من الموت أو اللجوء إلى بلدان أخرى بحثا عن الأمان والاستقرار.
ورغم انحصار الحرب منذ 1955 في جنوب السودان الذي انفصل وفقا لمقررات مؤتمر نيفاشا وكون دولته المستقلة في العام 2011، إلا أن نطاقها الجغرافي بدأ في الاتساع مع مطلع الألفية الحالية ليشمل مناطق عديدة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ما أدى إلى إهدار كم ضخم من الموارد وتسبب في خسائر مادية مباشرة وغير مباشرة تقدر بأكثر من 600 مليار دولار ،إضافة إلى خلق حالة من الغبن الاجتماعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق