يتفاقم الانهيار الاقتصادي في لبنان بسبب انفجار مرفأ بيروت، ويتجه البنك الدولي لمساعدة لبنان للخروج من أزمته "وفق شروط"، يكشفها المدير التنفيذي لعمليات البنك الدولي أكسل فان تروتسنبورغ في لقاء بمسائية DW عربية.
نص حوار المدير التنفيذي لعمليات البنك الدولي في لبنان، الألماني أكسل فان تروتسنبورغ لبرنامج مسائية DW عربية.
ديما ترحيني: ما هي رسالة البنك الدولي للمسؤولين في لبنان؟
أكسل فان تروتسنبورغ: الرسالة الأهم التي نرسلها هي أن البنك الدولي والمجتمع الدولي مهتمان بشكل كبير لأجل أن يساعد لبنان نفسه أيضا، وهذا يعني أنّه بعد الكارثة التي حصلت في بداية آب/ أغسطس، لابد من الاهتمام ليس فقط بإعادة بناء الميناء ومحيطه، انما يجب أن يكون هناك إصلاحات كبيرة في 3 مجالات، هي الإصلاح وإعادة البناء والتنمية الاقتصادية. إذا لابد أن يكون هناك وجود لإصلاحات، وانطلاق لهذه الإصلاحات لكي يقدم المجتمع الدولي المساعدات، وهذا ينسحب أيضا على البنك الدولي. الأمر لا يتعلق فقط بالأمور الاقتصادية والاجتماعية التي لا يمكن حلها بشكل كفوء إلا إذا تم الإصلاح.
برأيك، كيف ينبغي أن يجري الإصلاح؟ من وجهة نظر البنك الدولي، ما هي السبل الأساسية لكسر هيمنة النخبة لتنفيذ هذه الإصلاحات ومكافحة الفساد؟
أعتقد أن علينا أن نعاين الوضع في لبنان، فالوضع الاقتصادي في تراجع كبير، ونسبة الفقر وصلت إلى 45 % وهي نسبة في ارتفاع مضطرد. الاقتصاد منهار تقريباً، والسؤال المفصلي الآن هو: إذا أردنا الخروج من هذه الحالة، لابد من الذهاب إلى الإصلاحات. ونحن نعرف أن هذا صعب جداً، ولكن لابد من القيام بالإصلاحات لأجل إحداث التنمية الاقتصادية والحد من الفقر، لبنان لديه الإمكانية لكي يخرج من هذه الأزمة، ولابد من اتخاذ قرارات حاسمة، ونحن نرى أن هناك فرصا بالفعل وأملا في أن يخرج لبنان من هذه الأزمة.
المدير التنفيذي لعمليات البنك الدولي في لبنان، الألماني أكسل فان تروتسنبورغ
هل أفهم منك سيد تروتسنبورغ أنّ البنك الدولي لن يقدم الدعم للبنان ما دامت هذه النخبة في الحكم، وما دامت الإصلاحات لم تنفذ بعد؟ ما هي شروط البنك الدولي لمساعدة لبنان؟
نحن لا نحدد للدول أي حكومات يجب أن تكون فيها، لكن نحن نقول لا بد من ضمان أن تحقق المشاريع التي نقوم بها نتائج، وهذا يعني أننا عندما ندعم عملية إعادة البناء، فلابد من أن يكون هذا الأمر ناجحاً في نهاية المطاف. عندما نشتغل في المجال المجتمعي فلابد من أن ننجح، نحن وعدنا في أن نكافح الفقر في لبنان، ولكن لابد من أن تكون هنالك شفافية في هذه العملية، لابد من أن تقدم الفواتير الصريحة والواضحة لكي يعرف الجميع أين صرف المال.
هل أفهم منك أن المساعدات ستأتي إلى مؤسسات الدولة، رغم أنّها متهمة بالفساد من قبل أكثر من منظمة دولية، وهناك تقارير كثيرة تتحدث عن هذا الموضوع؟ كيف سيتم توصيل المساعدات إلى اللبنانيين ومنع اللبنانيين من الوقوع في فخ الفقر والإفلاس؟ ولمن ستقدم المساعدات تحديداً؟
بشكل ملموس، يتعامل البنك الدولي مع الحكومات ولن يكون لبنان استثناء في هذه المسألة، وإذا كانت هناك مشكلة فساد فالسؤال هو كيف يمكن أن تحل؟ وهنا نقول إنّ الحل يكون في الشفافية في عمل الإدارة. أحيانا نتعامل مع دول فيها هذا الفساد، ولكن هناك حل.
وإن لم تحدث هذه الشفافية، كيف يتعامل البنك الدولي مع لبنان؟
نحن سوف نصر على أن نذهب إلى أصحاب القرار ونقول لهم لابد من اعتماد الشفافية في البرنامج، والحكومة سوف توافق، لابد لها أن توافق على ذلك. وكل من هو معني بالأمر، معني بأن يساعد الناس الذين يعانون في لبنان، هؤلاء يجب أن تصل لهم المعونات، وعلى هذا الأساس نحن استطعنا أن ننجح في دول أخرى فيها مشاكل فساد، وأعتقد أننا سننجح أيضا في لبنان. الحكومة عليها أن تقبل بهذا الأمر.
هناك سؤال طرحه أكثر من لبناني حينما علموا أنك ستكون معنا على الهواء. البلد مفلس، اللبنانيون مفلسون، نسبة الفقر أكثر من 50 بالمائة، يعني أكثر من نصف اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، وهم يخشون أن أي مساعدات تقدم من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، سيكون في النهاية ثمنها باهظ عليهم كلبنانيين، ما هو هذا الثمن الذي سيدفعه اللبنانيون لأنّ البنك الدولي أمّن لهم أكثر من 8 مليارات دولار كما جاء في التقرير. ما الذي عليهم أن يتوقعوه، كيف سيدفعون ثمن ذلك لاحقاً؟
أولا أريد أن أوضح، أن هذا التقدير الموجود في التقرير لم يضعه البنك الدولي لوحده، انما هناك خسائر على الأصول الثابتة تصل إلى مليارات الدولارات، ولكن هناك أيضا مجالات لابد من دعمها، حيث فقد الناس دخلهم. إذا في مرحلة من سبتمبر هذا العام، إلى نهاية العام ستكون هناك حاجة على 1.8 إلى 2 مليار دولار.
البنك الدولي مستعد لتقديم المساعدة بالتعاون مع ممولين آخرين. يمكن أن يكون هناك صندوق تجمع فيه المعونة المالية للبنان، ولكن لابد من أن يتم الأمر بحيث نستطيع أن نستفيد من هذه الأموال. عندما نعطي نحن القروض، تكون لفترات طويلة تصل حتى إلى 30 سنة. بوسع الدول أن تأخذ هذه القروض ولن تزيد نسبة الفائدة عن 2 بالمائة.
إذا فقد تم اقتراح انشاء صندوق تمويل جديد يديره شركاء دوليون ليتولى توجيه الموارد المالية، من هم هؤلاء الشركاء الدوليون؟
اعتقد أننا أكدنا على أن هناك أزمة اقتصادية يعيشها لبنان اليوم ولابد من أن يكون الدعم شاملاً، يأتي من جهتنا ولكن أيضا من صندوق النقد الدولي أو من البنك الأوروبي أو من بنك التنمية الإسلامي، يعني سيكون هناك مجموعة من المؤسسات التي بوسعها أن تقدم الدعم وايضا على المستوى الدولي، يمكن أن تساعد بعض الدول مثل فرنسا بريطانيا وألمانيا.
كل هذه الدول بإمكانها أن توفر الدعم، ولكن أؤكد مرة أخرى أن النجاح لن يتحقق إلا إذا قدمت الحكومة خطة ذات مصداقية، وسعت بكل جهدها من أجل إنعاش القطاع الخاص وبمشاركة المجتمع الدولي. نحن دائماً مستعدون لمساعدة الدول، وهذا هو هدف انشاء البنك الدولي منذ 55 عاماً. لدينا علاقات جيدة مع لبنان وسوف تستمر هذه العلاقة وسوف يستمر التزامنا بلبنان.
هل من السهولة بمكان تأمين هذه المليارات ونحن نعلم أن الدول الأخرى هي أيضا لديها مشاكلها، فيروس كورونا ضرب اقتصاديات الدول بشكل كبير. ما مدى واقعية مساعدة لبنان عندما نتحدث بالأرقام؟
أعتقد أنه في ظل أزمة كوفيد 19 وفي كثير من الدول، فلذلك نقول إذا كان هناك ثمة دعم سيقدم فلا بد من أن يكون هناك ثقة بأنه(الدعم) سيصل إلى المحتاجين، وهذا يعني أن هناك ضغط أكبر باتجاه هذه الفكرة. عملية الإصلاح يجب أن تنطلق بأسرع وقت ممكن في لبنان بحيث أن المجتمع الدولي يرى أن هناك تقدماً، وأن الحكومة اتخذت بالفعل إجراءات قاسية لمصلحة الشعب.
أجرت الحوار ديمة ترحيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق