نادين النمري
عمان – حذر خبراء من أن الاستمرار بسياسات تخفيض الأجور للعاملين في القطاعين العام والخاص، من شأنه “تعميق حالة الانكماش الاقتصادي، ما يؤثر حتمًا في زيادة معدلات الفقر والبطالة في البلاد”.
وقالوا، خلال جلسة نقاشية عقدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة، الأسبوع الماضي، حول أثر جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″ في أوضاع الأسر الاقتصادية، إن نمط الاستهلاك للأسر تغير خلال الأزمة، بحيث قل الإنفاق بشكل ملحوظ، لكنه زاد على مواد التعقيم والصحة والتنظيف.
وأوضحوا أنه رغم الأثر الإيجابي لتغير طريقة إنفاق الأسر، وترشيد الاستهلاك، لكن لذلك أيضًا أثرا سلبيا، كأن تلجأ الأسر إلى طرق تكيف سلبية خصوصًا لدى الأسر الأكثر فقرًا وهشاشة، كما أن لذلك أثرا سلبيا على الاقتصاد الوطني عامة، إذ سيؤدي لتقليص الطلب المحلي على الاستهلاك، وهذا من شأنه أن يعمق حالة الانكماش الاقتصادي.
إلى ذلك، اعتبر مدير مركز الفنيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، أن معالجة التبعات الاقتصادية لأزمة كورونا تتطلب من الحكومة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي تطوير أدوات تأمينية (حمائية) جديدة، لشمول جميع القوى العاملة في الأردن بمظلة الحمايات الاجتماعية للضمان الاجتماعي، والاستثمار بالحمايات الاجتماعية بشكل أوسع.
وقال كي نشجع القطاع الخاص على عدم التهرب التأميني، ونشجع العاملين بشكل يومي أو بالأعمال الحرة إلى الاشتراك بـ”الضمان الاجتماعي”،
يجب تخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي على العاملين وأصحاب الأعمال، وتخفيض قيمة الاشتراك الاختياري بشكل ملموس، وتطوير أدوات حمائية أخرى.
وأشار إلى دراسة لـ”الفنيق” أظهرت أن 79 % من المستجيبين لم يستفيدوا من برامج الحماية التي وفرتها “الضمان”، لمواجهة تداعيات الأزمة.
ولفت عوض إلى إشكالية تخفيض علاوات الموظفين العموميين، والسماح للقطاع الخاص بتخفيض رواتب العاملين فيه، الذي أدى وسيؤدي إلى “تقليص الطلب المحلي على الاستهلاك، وهذا من شأنه أن يعمق حالة الانكماش الاقتصادي في الأردن ويطيل أمده، وبالتي سيؤثر ذلك في زيادة معدلات البطالة وأعداد الفقراء”.
وبين أن انخفاض معدلات الثقة بالإجراءات الحكومية لدى المواطنين سـ”يطيل أمد الانكماش الاقتصادي وتعميقه”، مشيرًا إلى “أن المطلوب من الحكومة إجراء انفراجات سياسية، وإعادة النظر في آليات اتخاذ القرار لتشارك مختلف أصحاب المصالح في عملية اتخاذه، لأن من شأن ذلك تطوير وتطبيق سياسات تحفظ مصالح مختلف الأطراف.
واستعرض مدير عام هيئة الاستثمار، الدكتور خالد الوزني، من ناحيته، أثر الجائحة في الأحوال الاقتصادية للأسر، مبينًا أن تأثر الإنفاق سلبًا بسبب انخفاض دخل الأسر بشكل مباشر، كما تغييرت ثقافة الاستهلاك نحو الترشيد، حيث ركز الإنفاق على السلع الأساسية ومواد التنظيف والتعقيم فيما قل على السلع الكمالية والملابس.
ولفت إلى أثر الأزمة في النساء، “حيث زادت الأعباء عليهن، وخصوصًا العاملات، فيما اضطرت بعض النسوة العاملات إلى التخلي عن أعمالهن للقيام بأعمال الرعاية، كما كان هناك أثر في ازدياد حالات العنف الأسري والطلاق”.
وبين الوزني أن التعامل مع هذه التحديات، يتوجب إعادة ترتيب أولويات الأسر في الإنفاق والعادات الاجتماعية، بحيث يعود بآثار إيجابية أحيانًا وعكسية أحيانًا أخرى، لافتًا إلى أن الاقتصاديات التي تحسن من إدارة الأزمات تستطيع التخفيف من الآثار الاجتماعية على الأسر والمجتمعات.
وأكد ضرورة معالجة الأبعاد المالية على مستوى السياسات النقدية والمالية، مشددًا على أن الاستقرار الشامل كان وسيكون مساهما مهما في تحسين الانعكاسات على الاقتصاد والأسرة.
واستعرض مندوب صندوق المعونة الوطنية، محمد شلوتي، إجراءات الصندوق خلال فترة الأزمة، مبينًا أن الأزمة الاقتصادية التي نجمت عن جائحة كورونا “قد أثرت سلبيًا من الناحية الاقتصادية في الأسر، إذ ان أرباب الأسر وأفرادها يعملون في قطاعات غير منتظمة، بمستوى متدن من الاجور والرواتب وغير مشمولين بمظلة الضمان الاجتماعي”.
وتابع جاءت استجابة الحكومة سريعة جدًا، من خلال إنشاء برنامج لدعم المتضررين من عمال المياومة بـ”الصندوق”، لتقديم مساعدة نقدية مؤقتة غير منتظمة لأرباب الأسر العاملين في قطاعات العمل غير المنتظم، والتي تنطبق عليهم شروط الاستحقاق.
وأشار شلوتي إلى أن صندوق المعونة يمتلك قاعدة بيانات، اسهمت بإنجاز ما هو مطلوب بكفاءة عالية لدعم الفئة المتضررة، من خلال برنامج (تكافل).
وأكد تأثر الكثير من العاملين في قطاعات غير منتظمة بفقدان مصادر الدخل اليومي، ما تطلب من الحكومة إيجاد وسائل لمساندة ومساعدة المتضررين نقديا، حيث كان ذلك من خلال برنامج دعم عمال المياومة.
وقال شلوتي إن نسبة المستفيدين من برنامج دعم عمال المياومة بلغ 62 % من حجم مقدمي الطلبات، ما يعطي دلالة واضحة على أن البرنامج قد استجاب للظرف الاقتصادي الصعب، لافتًا إلى أن عدد طلبات الدعم لعمال المياومة بلغ 400 ألف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق