10/9/2020
باتت موافقة البرلمان الجزائري على مشروع التعديل الدستوري الذي طرحه الرئيس عبد المجيد تبون مسألة وقت فقط، ربما لا تتجاوز بضع ساعات، بحسب المواقف المعلنة والأنباء الواردة من داخل الكتل النيابية ذات الأغلبية بمجلس النواب. بالمقابل، تُبدي قوى الحراك في عمومها تحفظها تجاه المبادرة من حيث المسار والمحتوى.
وجاء مشروع الدستور، الذي يراهن عليه الرئيس تبون في تجسيد الإصلاحات السياسية، بتكريس منصب "رئيس حكومة" في حال إفراز الانتخابات التشريعية لأغلبية برلمانية، أو "وزير أول"، إذا أسفرت عن أغلبية رئاسية.
وقلّص التعديل من صلاحيات رئيس الجمهورية، لا سيما تلك المتعلقة بالمهام التشريعية والقضائية، مع تضييق التشريع بأوامر، وتقييد إعلانه حالة الطوارئ والحصار والحالة الاستثنائية، بعد أن صار ممنوعا من ممارسة أكثر من عهدتين رئاسيتين متتاليتين أو منفصلتين.
كما تقترح الوثيقة تعزيز رقابة البرلمان على الحكومة، عبر استجوابها في أي مسألة، وإلزامها بتقديم المعلومات المطلوبة؛ بل إمكانية سحب الثقة منها.
غير أن الرئيس يطلب كذلك تحديد العهدة البرلمانية بعهدتين فقط، مع ضرورة التمييز في الاستفادة من الحصانة البرلمانية بين الأعمال المرتبطة بممارسة النيابة وتلك الخارجة عنها.
من جهة أخرى، كرس الدستور المعروض للنقاش دور "مجلس المحاسبة"، كمؤسسة عليا مستقلة، مع استحداث "السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته"، ودسترة "السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات". كما حظر المشروع المساس بوضع "تامزيغت" كلغة وطنية ورسمية.
دولة عصرية
وأكد تبون الأحد الماضي، أن "المشروع ينسجم مع متطلبات بناء الدولة العصرية ويلبي مطالب الحراك الشعبي"، ما يستدعي برأيه "التحلي بالواقعية والابتعاد عن الانغماس في الجزئيات والشكليات على حساب الأمور الجوهرية ذات العلاقة بالأسس الدائمة للدولة".
البرلمان الجزائري يتوجه للموافقة بالأغلبية على مشروع التعديل الدستوري (الجزيرة)
من جانبه، قال الوزير الأول عبد العزيز جراد إن "التعديل يؤسس لدولة تعمل على خدمة المواطن واسترجاع ثقته، وتتميز بحياة سياسية تحكمها مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة والكفاءة، وتفصل بين المال والسياسة، وتحارب الفساد".
أما رئيس البرلمان سليمان شنين فقد عد التعديلات "متجانسة مع هوية المجتمع الجزائري ومبادئ أول نوفمبر/تشرين الثاني، مع إعطاء المواطن حقه في الرقابة".
إلى ذلك تباينت كثيرا مواقف الأحزاب وقوى الحراك الشعبي بين التأييد والرفض، حيث صرح سابقا الأمين العام لحزب الأغلبية جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي، أن التعديل الدستوري المرتقب "سيترتب عنه انتقال نوعي في النظام السياسي، وينبثق عنه ميلاد جمهورية جديدة يسودها الحق والعدل والقانون".
كما أكد الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الطيب زيتوني -وهو ثاني كتلة برلمانية- مساندة حزبه لأي وثيقة دستور توافقي لا تمس بمقومات الشعب الجزائري، وقال إن تشكيلته تدعم 80% من محتوى وثيقة التعديل الدستوري.
وبدوره، كشف رئيس تجمع أمل الجزائر بالنيابة عبد الحليم عبد الوهاب التوجه نحو تزكية الدستور، الذي يراه أكثر توافقية، كما حوى الكثير من مقترحات حزبه.
والموقف نفسه أعلنه التحالف الوطني الجمهوري، حيث أسدى تعليمات لنوابه من أجل التصويت بنعم، وهو ما يضمن مرورا سهلا للمشروع في البرلمان.
غير أن عبد القادر بن قرينة، السياسي الثاني في الجزائر، وفق نتائج الرئاسيات الأخيرة، وجه الكثير من الانتقادات للمشروع رغم إقراره بإيجابيات أخرى تضمنها، مُرجئا الكشف عن الموقف النهائي إلى حين التشاور مع شركاء "مبادرة الإصلاح الوطني".
وبدوره، كشف رئيس تجمع أمل الجزائر بالنيابة عبد الحليم عبد الوهاب التوجه نحو تزكية الدستور، الذي يراه أكثر توافقية، كما حوى الكثير من مقترحات حزبه.
والموقف نفسه أعلنه التحالف الوطني الجمهوري، حيث أسدى تعليمات لنوابه من أجل التصويت بنعم، وهو ما يضمن مرورا سهلا للمشروع في البرلمان.
غير أن عبد القادر بن قرينة، السياسي الثاني في الجزائر، وفق نتائج الرئاسيات الأخيرة، وجه الكثير من الانتقادات للمشروع رغم إقراره بإيجابيات أخرى تضمنها، مُرجئا الكشف عن الموقف النهائي إلى حين التشاور مع شركاء "مبادرة الإصلاح الوطني".
قوى الحراك الفاعلة ترفض مشروع الدستور جملة وتفصيلا (الجزيرة)
مسار خاطئأما قوى الحراك الفاعلة فقد أعربت عن رفضها للمشروع، حيث قال رمزي سعودي، ممثل التيار الأصيل، "من غير المنطقي الخوض في جزئيات وتفاصيل النسخة الدستورية المعدلة شكليا، والتي تحاول السلطة فرضها كأمر واقع، مثلما حدث مع رئاسيات 12/12".
وطالب سعودي -في تصريح للجزيرة نت- بضرورة التغييرات الجذرية للقوانين الحالية، بما يناسب تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة نزيهة، ينتج عنها تمثيل حقيقي للشعب، يسبقها سن قانون لمحاربة الفساد.
وشدد المتحدث على تضمين القانون فصولا خاصة بتفعيل كيفية تطبيق إجراءات العزل السياسي دون تعسف لمدة 10 سنوات، على كل قيادات الصف الأول لأجهزة النظام في المجال السياسي والجمعوي والنقابي، ممن تورطوا في مساندة منظومة الاستبداد؛ ليشرف البرلمان الجديد على عملية إعداد دستور الشعب التشاركي بطلب من رئيس الجمهورية، وفق تعبيره.
من جانبه، يعتقد منسق حركة المسار، منير الصغير أن السلطة ما تزال تصر على تضييق الخيارات أمام الشعب الجزائري، معتبرا أن "لجنة إعداد المسودة تعاملت معها باستهتار ولا مبالاة كاملة، ما يعطي إشارات قوية جدا على أن السلطة تتجه نحو تأثيث الساحة بديكور سياسي وإعلامي، هو في جوهره استمرار وامتداد لما كان عليه الحال قبل الحراك".
وقال -في حديث للجزيرة نت- إن "التصويت بـ(لا) مهما كان قويا، فإنه سيكون تكريسا لما تريده السلطة، والتزاما بأجندتها وتقديم خدمة مجانية لها، فهي تستطيع تمرير الدستور ولو بـ10% من الأصوات". وصرّح بأنّ "الشروط والسياقات السياسية المناسبة للتصويت ضد المشروع وجعله خيارا مؤثرا لم تتوفّر".
من جهته، شدد منسق حركة عزم، فيصل عثمان على أن "ما هو مطروح للنقاش لا يستحق وصف المشروع، ولا يرقى لاعتباره وثيقة عقد اجتماعي مؤسس لمرحلة جديدة".
وقال -للجزيرة نت- "لقد بدأ مسارا خاطئا منذ أول يوم، حين تم اختزاله في لجنة مؤدلجة معروفة الانتماء، أنتجت مسودة هزيلة لا تعبر عن قيمة أسمى قانون في الدولة، ثم خُتمت بوثيقة تلتفّ على مطالب الحراك الشعبي، وتجرّده من مكتسباته"، على حدّ تعبيره.
ورأى المتحدث أن مشروع الدستور مصمم على مقاس الرئيس الحالي والدوائر المسيطرة عليه، وسينتهي بانتهاء حكمه مثل سابقيه، لتضيع الجزائر فرصة أخرى لبناء دولة العدل والقانون والمؤسسات القوية، بحسب قوله.
ولم يشذ موقف محامي نشطاء الحراك عبد الغني بادي عن سابقيه، ذاكرا أن "مشروع الدستور مفروض من جانب واحد وغير متوافق عليه منذ البداية، فهو تنفيذ لخارطة طريق السلطة".
وأكد -في حديث مع الجزيرة- أن تجاهل المشروع هو أحسن رد؛ لأن "الحراك سيسعى من أجل الوصول إلى مرحلة يكتب فيها الشعب دستورا عن طريق ممثليه، وعن طريق التأسيس، مثلما حدث في كل الدول التي عرفت تحولات سياسية حقيقية".
المصدر : الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق