ترامب في عملية تطهير متواصلة للحكومة

. . ليست هناك تعليقات:



منذ أن لاحت بوادر “تبرئة” ترامب من المحاكمة وإجراءات العزل سارع مساعدوه للتأكيد على نيته بالانتقام من خصومه وأعدائه، ليس في مستوى مجريات المحاكمة فحسب، بل استهداف أركان “الدولة العميقة” بغية تطبيقه لشعاراته السابقة “بتجفيف مستنقع” السياسة في واشنطن.

وعلى الرغم من تصريح المتحدثة باسم البيت الأبيض، ستيفاني غريشام، عشية ثبوت “براءته،” بأنه “من المحتمل أن يدفع بعضهم الثمن،” لمعارضته الرئيس ترامب؛ إلا ان الأخير باشر في الانتقام من خصومه و”غير المرغوب بهم” في أجهزة الدولة.

أولى التغييرات طالت موظفي مجلس الأمن القومي، بالدرجة الأولى، حيث استطاع التخلص من نحو 200 موظف بجرة قلم، معظمهم محللون وخبراء منذ ولاية سلفه الرئيس أوباما؛ فضلاً عن شخصيات أخرى في الجهاز القضائي، ووزارة الدفاع، وآخرون “ينتظرون الطرد.”

التغييرات الهيكلية في عدد كبير من الأجهزة الحكومية تبقى ضمن صلاحيات الرئيس، كرمز للسلطة التنفيذية، لا سيما المناصب والمهام التي لا تستدعي موافقة مجلس الشيوخ عليها. ودرج مصطلح بأن الشخص المعين في منصبه مهما على شأنه “يبقى في الخدمة وفق رغبة الرئيس؛” بضمنهم رؤساء أجهزة الاستخبارات ومكتب التحقيقات الفيدرالي والوزراء.

بيد أن الحافز الأساسي لتصرفات ترامب، بعد شعوره بالنشوة والانتصار في معاركه ضد قادة الحزب الديموقراطي، يكمن في قناعته الراسخة بأنه يسعى لتثبيت من يكن له ولاءاً وليس بالضرورة لاعتبارات الكفاءة.

يضاف إلى ذلك بأن الرئيس ترامب، بخلاف معظم أسلافه الرؤساء، لم يستند إلى قاعدة ثابتة داخل حزبه تعينه على ملء المناصب الشاغرة، منذ اليوم الأول لتسلمه منصبه؛ ولجأ للاعتماد على الثقاة من السياسيين الذين سرعان ما انقلب عليهم وخياراتهم معاً، مثل وزير العدل السابق جيف سشينز.

كشف بعض خصوم الرئيس ترامب مؤخراً عن اهتمامه بلوائح موظفين قدمت له ينبغي إقالتهم من مناصبهم، وأخرى لترشيح من يرونه أشد ولاءاً ليس لشخص الرئيس فحسب، بل لأهداف وبرامج وتوجهات التيارات المفرطة في عنصريتها داخل الحزب الجمهوري؛ وإن لزم الأمر، اقصاء بعض أبرز الشخصيات المؤثرة في مسيرة نجاح الحزب، مثل المستشار السياسي الأسبق، كارل روف.

صيغت تلك اللوائح، وفق يومية نيويورك تايمز، 24 شباط الماضي، من قبل مجموعة “استشارية” تدعى غراوندزويل Groundswell، أبرز مفاصلها القيادية، السيدة جِنِي توماس Ginney Thomas، قرينة عضو المحكمة العليا، كلارينس توماس، تتصدر المجموعة منذ نحو 7 سنوات؛ ضمت بين صفوفها أيضاً جون بولتون وأسماء أخرى لامعة بين صفوف التيارات الأشد يمينية وتعصباُ، وبدعم من مستشار الرئيس ترامب السابق للشؤون الاستراتيجية، ستيف بانون.

ومن بين أعضاء المجموعة الاستشارية عضو اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، باربارا لادين، التي كُلفت من قبل حملة الرئيس ترامب الانتخابية عام 2016 بالسعي للحصول على نسخة من الرسائل الالكترونية الخاصة لوزيرة الخارجية آنذاك، هيلاري كلينتون. لادين هي أيضاً زوجة أحد كبار المحافظين الجدد، مايكل لادين، الذي طرد من منصبه الأكاديمي في جامعة واشنطن بمدينة سانت لويس، لاعتبارات “تتعلق بجودة اسهامه الأكاديمي .. واستخدامه أعمال لآخرين دون موافقتهم.”

وجاء في إحدى الوثائق الداخلية المسربة لوسائل الإعلام بأن المجموعة المذكورة بلورت خطة توجهاتها منذ ولاية الرئيس أوباما الثانية لشن “حرب على جبهة متشعبة من ثلاثين (موقعاً مفصلياً في أجهزة الدولة) بغية إحداث تغييرات جوهرية في البنية الحكومية.”

العلاقة بين المجموعة الاستشارية والبيت الأبيض ليست مضمرة، ولا تسعى السيدة توماس لحجبها، بل يحضر ممثلون عن البيت الأبيض اجتماعاتها “بشكل دوري،” واستطاعت توماس الفوز بلقاء خاص مع الرئيس ترامب مطلع عام 2019، وبّخت خلاله بعض موظفي البيت الأبيض صراحة لاعتراضهم على لوائحها المقدمة للرئيس، حسبما أفادت نيويورك تايمز.

يرجح أن أحد ضحايا المجموعة مؤخراً كان نائب وزير الدفاع للشؤون السياسية، جون رود، الذي يعتقد أن سياساته لم تنسجم مع توجهات الرئيس ترامب بل كان عاملاً معطلاً لتنفيذ سياسات البيت الأبيض.

جدير بالذكر أن نائب وزير الدفاع رود “تلكأ” في تقديم خطة مفصلة لسحب القوات الأميركية من سوريا، وفق ما أسند إليه من مهام؛ ويعزى أيضاً بأنه لم يقم بممارسة ضغوط كافية على كل من اليابان وكوريا الجنوبية للحث على زيادة نصيبهما في تحمل الانفاق العسكري لتواجد القوات الأميركية على أراضيهما.

عمل الرئيس ترامب منذ الأيام الأولى لرئاسته على إضعاف نفوذ مفاصل مراكز القوى في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، بشكل أساسي. حقق بعض الإنجازات في هيكلية الأجهزة، مكتب التحقيقات الفيدرالي مثالاً، بيد أن مسار التغيير في توجهاتها وآليات عملها الجمعية، وحتى طواقمها الإدارية، سيصطدم بمعارضة شرسة من قيادات الحزبين في الكونغرس، على الرغم من تسليم كل ما يعنيه الأمر بالنفوذ الواسع لتلك الأجهزة على الحياة اليومية.

علاوة على الجهازين المذكورين، هناك أيضاً البيروقراطية المفرطة المستحدثة في وزارة الأمن الداخلي، وصراعات النفوذ بينها وبين الأجهزة التقليدية – الأف بي آي والسي آي ايه؛ ولكل منها مؤيدوها بين قيادات الكونغرس والذين يتبادلون الخدمات وحماية نفوذ بعضهما البعض. وعليه، من غير المرجح أن يحقق الرئيس ترامب تغييرات خارج سياق الشكليات وتعيين بعض أتباعه ومؤيديه.

ما جرى من تغيير جماعي في هيكلية مجلس الأمن القومي لم يستفز العديد من قيادات الحزبين، نظراً لمعارضتها الجماعية السابقة تضخيم الرئيس أوباما لموظفي المجلس المنفصل عن المناصب الحساسة فيه، إذ تضم عضويته الرئيس ترامب ونائبه ووزيري الخارجية والدفاع ورئيس هيئة الأركان.

ولقي قرار الرئيس ترامب بتقليص عدد الموظفين استحساناً ودعماً من القيادات المحورية في الحزبين لاعتقادهم أن الإجراء “يرمي لتعزيز الدور التقليدي للمجلس لدعم الرئيس ومجلس الأمن القومي في جهودهم لمناقشة كل ما يخص الأمن القومي” الأميركي؛ بل سيرفع “الرئيس ترامب لمرتبة عليا في السياق التاريخي،” حسبما أفاد بعض الخبراء في الأجهزة الاستخباراتية.

بناء على ذلك، ستتعزز صلاحيات كل من وزارات الدفاع والخارجية والأمن الداخلي، تحديداً، في بلورة ورسم السياسات المنوطة بها حسب اختصاصاتها دون الاصطدام برؤى موظفي مجلس الأمن القومي.

فيما يخص الرئيس ترامب بالذات، إن استطاع الفوز بولاية رئاسية ثانية كما هو مرجح، فإنه سيسعى بكل ما يستطيع لتطويع مكتب التحقيقات الفيدرالي ليخدم توجهاته بتعيين كبار موظفيه من الموثوق بهم، نظراً للدور المناهض لترامب الذي تصدره المكتب خلال حملته الانتخابية الماضية وبداية ولايته الرئاسية.

في هذا السياق، ربما ينجح ترامب بعض الشيء في كبح جماح تسلط ونفوذ جهاز الأف بي آي، بعد ترويضه، وربما ستنعكس مفاعيله ايجابياً على بعض الشرائح الاجتماعية المستهدفة، كالأقليات ولا سيما السود وذوي الأصول اللاتينية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

الدانة نيوز - احدث الاخبار

صفحة المقالات لابرز الكتاب

احدث الاخبار لهذا اليوم

اخر اخبار الشبكة الاعلامية الرئيسية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

تغطية شاملة ويومية للكارثة اللبنانية وتطوراتها

تغطية شاملة ويومية للكارثة اللبنانية وتطوراتها
كارثة افجار مرفأ يروت - غموض وفوضى سياسية - وضحايا - ومتهمين وشعب حزين

الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي

الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي
الملف الشامل للاتفاق الاسرائيلي الاماراتي البحريتي .. والتطورات المتعلقة به يوما بيوم

اليساريون - الجزء الأول - الجذور

اليساريون - الجزء الأول - الجذور

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلن معنا



تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

جريدة الارادة


أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع

خدمات نيو سيرفيس

خدمات رائدة تقدمها مؤسسة نيو سيرفيس سنتر ---
مؤسسة نيوسيرفيس سنتر ترحب بكم 

خدماتنا ** خدماتنا ** خدماتنا 

اولا : تمويل المشاريع الكبرى في جميع الدول العربية والعالم 

ثانيا : تسويق وترويج واشهار شركاتكم ومؤسساتكم واعمالكم 

ثالثا : تقديم خدمة العلاقات العامة والاعلام للمؤسسات والافراد

رابعا : تقديم خدمة دراسات الجدوى من خلال التعاون مع مؤسسات صديقة

خامسا : تنظيم الحملات الاعلانية 

سادسا: توفير الخبرات من الموظفين في مختلف المجالات 

نرحب بكم اجمل ترحيب 
الاتصال واتس اب / ماسنجر / فايبر : هاتف 94003878 - 965
 
او الاتصال على البريد الالكتروني 
danaegenvy9090@gmail.com
 
اضغط هنا لمزيد من المعلومات 

اعلن معنا

اعلان سيارات

اعلن معنا

اعلن معنا
معنا تصل لجمهورك
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

سلايدر الصور الرئيسي

المقالات الشائعة

السلايدر المتحرك الرئيسي مهم دا