حامد شهاب
تظاهرات العراق وصمت الأمم المتحدة المريبتتصرف الأمم المتحدة وكأن العراق في كوكب آخر.
ما لكم لا تسمعون
كانت ليلة الثلاثاء، الأول من تشرين الأول اكتوبر، ليلة هادئة لممثلة الأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، التي لم تحرك ساكنا إزاء أعنف تظاهرات شهدها هذا البلد الناقم على سياسييه ونظامه المنفلت، وكأن تلك التظاهرات التي اشترك فيها مئات الآلاف من العراقيين قد وقعت في بلاد الواق واق وليس في العراق!
ويبدو أن صخب تظاهرات العراق في شوارع بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، وأصوات الرصاص وخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والمواجهات مع أجهزة الشرطة، وما أعلن عن سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، كل تلك الاحداث الصاعقة، لم يوقظ بلاسخارت من سبات ليلتها الهانئة، الا حين دق عليها جرس هاتف الأمين العام من نيويورك، ليبلغها بأن الشارع العراق يغلي، وأصوات التظاهرات سمعها العالم من أقصاه الى أقصاه، الا بلاسخارت التي تأخرت في إصدار بيان يساند مطالب المتظاهرين، ويدعو الى الاستجابة لمطالبهم العادلة، ولم يظهر صوتها الخافت الا في اليوم الثاني، حين صدر "بيان بارد"، وهي تدعو للتهدئة، وتلبية بعض تلك المطالب، والحفاظ على سلمية التظاهرات وكأن لا شيء يحدث في هذا البلد، بالرغم من أن "عياط" المتظاهرين وشعاراتهم وصوتهم الهادر قد أسمع العالم كله، وأسمع حتى من به صمم، وكأن الأمر لا يعني ممثلة الأمين العام، من قريب أو بعيد.
موقف بلاسخارت بشأن ما يجري في العراق يذكرنا بموقف كورت فالدهايم الامين العام للأمم المتحدة في الثمانينات، حين اندلعت الحرب العراقية الايرانية، إذ صدر بيان مشابه لبيان بلاسخارت، وقال نائب رئيس الوزراء في حينها طارق عزيز "اذا كان فالدهايم قلقا من اندلاع الحرب بين العراق وايران، فما عليه ان يأخذ حبة بارسيتول، لكي يكون بمقدوره ان ينام في تلك الليلة" التي اضطر على أثرها فالدهايم أن يتناول رشفة ويسكي، ويعيد اكمال سهرته، بالرغم من قذائف الصواريخ وأزيز الرصاص ونيران تلك الحرب كان بامكانها ان تحرق اليابس والأخضر، ولم تحرك الأمم المتحدة ولم تحرك الدول العظمى ساكنا لايقاف تلك الحرب، التي استمرت لثماني سنوات، بالرغم من ان تلك الدول وبعضها دول جوار قد أسهمت في إشعال فتيل تلك الحرب، من أجل ان تبقى انظمة تلك الدول تتربع على عرش سلطانها، ولكي يذهب العراق الى الحضيض، ولا يكون بإمكانه ان يدافع عن أرض العرب.
حتى الولايات المتحدة كان موقفها باردا هو الاخر وعلى استحياء ولم ترتق الى حجم المأساة العراقية التي كان الاميركيون سببا رئيسيا في كل بلواها، وبالرغم من انها هي من تتحمل مأساة ما يجري في العراق طيلة 16 عاما او يزيد، وهي من أوصلت الوضع العراقي الى هذا الوضع الذي لا يحسد عليه.
الوضع في العراق خطير جدا، يا أمم العالم وشعوبه، وموجة الغضب والسخط على الحكومة وشخوصها ورئاساتها وصل الى حد الكفر بها، ولم يعد العراقيون بامكانهم ان يصبروا على كل سنوات الضيم، التي عاشوها، ولا بد من تدخل المجتمع الدولي لايجاد حل سريع ينقذ العراق من محنة ان يحترق هذا البلد وشعبه في أتون حروب أهلية قد لا تبقي ولا تذر، وقد تمتد نيرانها الى دول المنطقة ان لم يتم إيجاد حلول عاجلة، للمأساة العراقية، واقامة نظام حكم وطني، وينهي مأساة العملية السياسية وشخوصها الى الابد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق