بانتخاب قيس سعيد رئيسا للجمهورية التونسية، تُطرح مجموعة من التساؤلات بشأن الملامح الكبرى لسياسة تونس الخارجية، تحديدا ما يتعلق بحلم إحياء الاتحاد المغاربي من جديد، لاسيما أن الأستاذ الجامعي سبق أن عبّر عن رغبته في إخراج هذا التكتل الإقليمي من الجمود الذي يسمه؛ وذلك من خلال حل الوضع الداخلي في ليبيا وتعزيز التعاون الثنائي بين بلدان المنطقة.
وفي برنامجه الانتخابي، أكد رئيس الجمهورية التونسية أن رؤيته الخارجية تتجه صوب إعطاء تونس دور معين في إحياء الاتحاد المغاربي المجهض، عبر التنسيق مع بلدان المغرب الكبير، المتمثلة في المغرب وتونس والجزائر وليبيا وموريتانيا، ليُعلن بذلك إيمانه بمشروع الوحدة المغاربية الذي من شأنه مواجهة التحديات الإقليمية.
كريم عايش، الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، قال إن "إحياء الاتحاد المغاربي كان دائما ضمن أجندة الساسة التونسيين، إذ كان دائما حاضرا ضمن خطاباتهم وتحركاتهم الدبلوماسية، وهو ما جعل العلاقات المغربية التونسية علاقة متميزة يطبعها الاحترام والتقدير المتبادل، إذ يشترك الاثنان في العديد من الملفات؛ منها الإرهاب والتبادل الأمني".
وأضاف عايش، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الطرف التونسي حافظ على شعلة الحلم متقدة رغم إدراكه وجود عقبة كبيرة تعيق تحقيقه"، وزاد: "إذا نظرنا إلى تصريحات الرئيس التونسي السابق والحالي نجدهما حريصين على الحفاظ على مستوى معقول من الأمل"، مردفا: "هذا المستوى الذي ارتفع مؤخرا بعد تنصيب الرئيس الحالي وما ظهر من بوادر إيجابية لتعزيز علاقات تونس مع المغرب، في أفق احتواء قضية الصحراء من الداخل بعد تليين الموقف الجزائري".
"نشير إلى عدة شعارات رفعت في الشارع الجزائري لإعادة العلاقات الجزائرية المغربية إلى سابق عهدها وفتح الحدود"، يردف المتحدث، معتبرا أن "هنالك رغبة تونسية في شخص قيس سعيد لإحياء التكتل، على أساس أن حضور رئيسي غرفتي مجلس النواب والمستشارين يحمل دلالة تفيد بأن بناء ديمقراطية تونس لن يتم سوى بوضعها في البعدين الإقليمي والمغاربي".
وأوضح عايش أنه "لا يمكن الإفراط في الأمل والاعتقاد ببساطة الأمور بعد صعود رئيس تونس الجديد، إذ يجب أولا بحث الوضع في ليبيا وإقرار حل يرضي كل الأطراف، سواء تعلق الأمر بالوفاق أو قوات حفتر، ويرضي أيضا المتدخلين في الصراع من أطراف خارجية تمول وتدعم كل طرف ضدا على الطرف الآخر".
وختم الباحث في الشؤون السياسية تصريحه قائلا: "هنالك أيضا الملف الجزائري الذي مازال يعرف شدا وجذبا بين القائد صالح والحراك الشعبي في أفق إقرار ديمقراطية انتخابية ترضي كل الأطراف وتمكن الجزائر من الاستقرار السياسي..يمكن أن يتحقق حلم الاتحاد المغاربي شريطة مناقشة المسائل الثنائية التي يمكن الاتفاق حولها إذا ما توفرت النوايا الحسنة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق